"نفَّذت قوة إيرانية خاصة إنزالاً جوياً على منطقة وادي عبيدة بمأرب، لتحرير دبلوماسي إيراني يختطفه تنظيم القاعدة، منذ أكثر من عام...".. تخيلوا حجم زوابع الدهشة والاستنكار التي يمكن أن يثيرها "الخبر الافتراضي" أعلاه، في حال حصل بالفعل، لدى أكثرية إعلامية نخبوية، تبدي فرط تعاطف إزاء مقتل "مواطن أمريكي" فشلت عملية إنزال جوي ل"سبعين من جنود المارينز"، في تخليصه الأسبوع الفائت ب"شبوة".. أحاول أن أضع يدي على المنطق الذي يجعل من النشاط العسكري الأمريكي السافر في اليمن، أمراً مُرحَّباً به إلى هذا الحد، واعتيادياً لدرجة إبداء الحسرة إزاء فشل عملية "إنزال مارينز" عوضاً عن الاستنكار.. فجأة انقلبت معظم حوائط الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي الالكترونية، إلى سرادقات عزاء واستبدلت "البروفايلات الشخصية" بصورة "الفقيد سومرز" الذي أجزم بأن جل أصحاب المرثيات المفجوعة عليه، لا يعرفون عنه شيئاً، قبل أو بعد، انتشار خبر مصرع "صحفي أمريكي مختطف لدى القاعدة منذ عام يدعى سومرز".. لصالح أي جريدة أو راديو أو تلفزيون أو وكالة أنباء، كان "سومرز" يعمل؟! كيف دخل "اليمن"؟! ما المادة الصحفية التي استهدفها؟! ماذا أنجز منها؟! ولماذا فشلت "وساطة قطرية" لدى خاطفيه في تخليصه؟! وبأي صفة توسطت "قطر"..؟! تلك أسئلة ليست من شأنك.. تسلَّح –فقط- بالسذاجة وانخرط في سرادق العزاء، كي تبدو "مثقفا ً كوزموبولوتياً كونياً" وتدرأ عن شخصك تهمة الرجعية.. في واقع الأمر شهدت "اليمن" أول عملية تدخَّل عسكري بري معلن لمشاة البحرية الأمريكية عام 2000م، عقب استهداف "المدمرة البحرية يو إس إس كول" في خليج "عدن"، حيث انتشرت أرتال محدودة من "المارينز" إثر ذلك على أجزاء من ساحل المدينة وفي فندقها الشهير ب"خور مكسر".. وحد علمي فإنه ما من "تخويل" منحه البرلمان اليمني يجيز ل"واشنطن" تنفيذ عمليات عسكرية في اليمن برية أو جوية عبر "الدرونز" أو مقاتلات حربية أخرى، ويقتصر التعاون الرسمي الذي يحظى بموافقة البرلمان، على التعاون في مجالات تدريبية وفنية وتبادل خبرات، فحسب.. رغم ذلك فإن العمليات العسكرية الأمريكية براً وجواً وبحراً مستمرة وتحصد أرواح الآلاف من الأبرياء، دون أن تحقق نتائج ملموسة على مصاف الأهداف المعلن عنها من طرف "واشنطن" ف"عصابات القاعدة" باتت أعظم نفوذاً وانتشاراً مما كانت عليه الحال عند تدشين أول ضربة جوية لما قيل إنها "قيادات بارزة ومعسكرات تدريب للتنظيم".. اعذرني يا صديقي "سومرز" إن لم أستبدل "بروفايلي الشخصي" على "فيسبوك" بصورتك الغامضة، فأنا لا أعرف شيئاً عنك وعن عملك وظروف اعتقالك، كما أن لدي ألبوماً ضخماً لآلاف الضحايا الذين قضوا بفعل هوس بلدك للسيطرة على الكوكب، يستحقون مرثياتي.. أتمنى - فقط - أن يخيب حدسي في أنك مجرد أحد ضباط الارتباط التابعين ل"سي آي إيه" الذين يتقمصون صفة "صحفيين وعمال إغاثة و...."... ألست أحدهم يا "سومرز"؟!