اليوم أو أمس أو قبل أمس، مش عارف بالضبط متى بالتحديد، هو اليوم العالمي للصحافة، قررت أن أحتفل بهذا اليوم وألبس بذلة مدري زندقي آري مهبي خداقي، يفترض أيضا أن الواحد أول ما يقوم من النوم يقرح دستين طماش، ويغني بالطريقة الأوبرالية المشهورة: "لا تشلوني، ولا تحبسوني.."! الصحفي عبدالإله حيدر المسجون منذ سنوات، لا يملك في هذا اليوم إلا أن يكتب على جدران سجنه: "اتقوا الصحافة فقد رمت أخاكم عبدالإله في غيابت الجب". والصحافة في اليمن أم المتاعب، وخالة المصائب، والصحفي اليمني غالبا هو كائن مكروه سياسيا، مهضوم ماديا، يعمل تطوعيا، محروم إعلاميا، مقطوع نقابيا، يتسلف يوميا، يمشي حافيا، محاكم صوريا، مدان غيابيا، مضرب غذائيا، مهمل حكوميا، مرهون طبيا، مفلس علاجيا... الخ. خطاب الرئيس هادي كان قويا ومؤثرا، والحكومة تتحمل مسؤولية الخروج بالإعلام الرسمي من حالة التوهان، إذا كان الإعلام الرسمي "منفلت"، فذلك لأن الحكومة منفلتة، وهو جزء منها. المؤسسات الإعلامية الرسمية حالها بعد الثورة كحال الأسرة القروية التي تطلع صنعاء لأول مرة، فتصطدم بواقع جديد ومتطلبات كثيرة، وقديما قيل "لك الله من القروية إذا تمدنت"، واليوم لك الله من وسائل الإعلام الرسمية إذا تحررت، خصوصا عندما يكون التحرر من كل شيء، إلا من قبضة الجوع وتركة الفساد الثقيلة، وصراعات الساسة. مع الأسف الشديد، الحكومة تتعامل بانتقائية مع المؤسسات الإعلامية الرسمية، أليست وكالة سبأ للأنباء مؤسسة إعلامية؟ بأي حق تقاعدون أكثر من ألف موظف؟ ألم تسألوا أنفسكم أين تذهب ميزانية الوكالة وموظفوها نازحون ما معهم إلا المعاش و10 آلاف ريال برأس كل 3 أو 4 أشهر؟ لماذا هذا الصمت يا حكومة الوفاق؟ إن كنتم تقاسمتم المؤسسات الإعلامية كشركاء سياسيين، فهذا لا يعنينا كموظفين! وإذا كان صمتكم على دمار هذه المؤسسة الإعلامية الرسمية، وعدم التغيير فيها، التزاماً سياسياً بالنسبة لكم، فهذا مع احترامي الشديد التزام غير أخلاقي وغير وطني. نحن كإعلاميين وموظفين في جميع الفروع نريد مؤسستنا، وأعمالنا، ونريد محاسبة كل المفسدين الذين عبثوا ويعبثون بمؤسستنا، فلماذا تطنشوننا، وتغضون الطرف عن معاناتنا؟! عودا على ذي بدء، إلى موضوع اليوم العالمي للصحافة.. للمعاناة.. للمتاعب.. للحراف.. للديون.. عبارة "اليوم العالمي للصحافة" تنفع عنواناً لمحل كبدة أو لحم صغار أو مطعم سلتة وفحسة في شارع مزدحم أمامه سوق قات، وكل أملي في هذا اليوم أن يفهمني المقوت عندما أقول له: "زيد القات، لأن اليوم هو اليوم العالمي للصحافة". عطروا قلوبكم بالصلاة على النبي. اللهم صلّ وسلم وبارك عليه.