سمحت زيارة الزعيم الليبي معمر القذافي "التاريخية" إلى إيطاليا بالإقفال الرسمي للخلاف الاستعماري بين البلدين، غير أنها أثارت جدلا في البلاد وأوشكت أن تودي إلى أزمة دبلوماسية. وغادر الزعيم الليبي ايطاليا بعيد ظهر السبت، منهيا زيارة أولى "تاريخية" بدأت في 10 من حزيران/يونيو. وأقلعت طائرة القذافي عند الساعة 11,40 ت غ، قبل ثلاث ساعات من الموعد المحدد سابقا، بحسب وكالة أخبار المطارات المتخصصة تيلينيوز. ومساء الجمعة، قرر رئيس مجلس النواب الايطالي جانفرانكو فيني بعد ساعتين من الانتظار غير المجدي، إلغاء زيارة القذافي إلى مجلس النواب، حيث كان يفترض أن يلقي كلمة أمام مئات النواب والشخصيات. ولم يوضح الزعيم الليبي سبب غيابه الذي عزته السفارة الليبية إلى "صلاة الجمعة"، ولم يقدم اعتذارات إلى النواب الايطاليين. وتكهنت الصحافة الايطالية السبت بان القذافي لم يرغب بالاستماع إلى بعض مقاطع الكلمة التي كان سيلقيها فيني. وفي نص الكلمة يلوم فيني القذافي على ربط الولاياتالمتحدة بالإرهاب ويطلب منه السماح لوفد من النواب الايطاليين بزيارة مخيمات اللاجئين غير الشرعيين في ليبيا لتفقد أحوال حقوق الإنسان فيها. ولطي صفحة الحادثة، التقى برلوسكوني ليل الجمعة السبت القذافي في خيمته المنصوبة في حدائق فيلا بامفيلي. وأفادت مصادر رئيس الحكومة الايطالي أن القذافي أكد له "أن ايطاليا بلد صديق". واعتمد القذافي منذ وصوله الأربعاء سلوكا استفزازيا، فلبس بدلة عسكرية مذهبة عليها صورة لعمر المختار بطل المقاومة الليبية الملقب ب"أسد الصحراء"، في لحظة توقيف نظام موسوليني الفاشي له عام 1931. بعدئذ كرر القذافي التشديد على أن زيارته ما كانت لتحدث لو لم تقدم روما "اعتذاراتها" على الفترة الاستعمارية. والخميس، أحرج القذافي ضيوفه عندما هاجم الولاياتالمتحدة على قصفها ليبيا عام 1986 متهما إياها بالتصرف "مثل بن لادن". ودان القذافي بوضوح وضع المرأة في العالم العربي والمسلم، معربا عن أسفه لاعتبارها "قطعة أثاث" يمكن تحريكها على الطلب بلا حسيب. لكن الزعيم الليبي تلقى بعض الصد عندما حرم من شرف إلقاء كلمة في مجلس الشيوخ. فالمعارضة هددت بمقاطعة كلمة "حامل نوبل الإرهاب" في حال سمح له التكلم من منبر لم يخول حامل نوبل السلام الدالاي لاما بنفسه إلقاء كلمة منه. وتظاهر حماة حقوق الإنسان عدة مرات احتجاجا على زيارة القذافي ما أثار مناوشات طفيفة مع قوى حفظ النظام. وعلى مستوى العلاقات التجارية الايطالية الليبية، كانت زيارة القذافي أكثر نجاحا، بالرغم من عدم الإعلان عن أي عقد جديد. وبعد أن اختتم زيارته الرسمية مساء الجمعة، استقبل القذافي في خيمته في زيارات خاصة رئيس العملاق النفطي الايطالي إي إن آي باولو سكاروني، ورئيس صانع الإطارات بيريلي، ماركو ترونشيتي بروفيرا، وحوالى مئة ايطالي كانوا مقيمين في ليبيا. وقال القذافي أمام أرباب العمل الايطاليين في اتحاد الصناعات الايطالية "ستتمتع الشركات الايطالية بالأولوية في ليبيا". وتشكل ايطاليا الشاري الأكبر والمزود الأهم بالنسبة إلى ليبيا. وباتت طرابلس المساهم الثاني في يونيكرديت، أحد أهم المصارف الايطالية، وأعربت عن رغبتها في شراء حصة مهمة من الشركة النفطية الايطالية العملاقة اي ان ايه.