عندما تزوج كاتب هذا كان عليه أن يحمل عدة القبيلة وكأنه يتقدم كتيبة مقاتلة أو مشاركا في غزوة حربية, العسيب والآلي " كلاشيينكوف " وحزام الرصاص والمسدس وباكورة لليد وشال فوق الرأس وآخر أثخن منه فوق الكتف ونظارة سوداء ومستلزمات أخرى تستدعيها غزوة 16 سبتمبر 1993م اليوم الذي تزوجت فيه, والحق أقول أن ما حملته في ذلك اليوم لم يحمله جندي من قوات المارينز أو " جيمس بوند " ولا زعيم أكبر عصابة في العالم بل ولا واحد من انتحاريي تنظيم " القاعدة ". واذكر يومها أن ما أطلقه الأقرباء والأصدقاء بل وحتى الأعداء من رصاص وقنابل يفوق مهر العروس وتكلفة العرس كله وكان عدد الرصاص والقنابل حينها أكثر من عدد حبوب القمح والذرة في اليمن لأن الناس كانوا يتأهبون لحرب عام 94م فكان المؤتمر يسلح والاشتراكي يسلح وغيرهم يسلح, والمتزوجون يطلقون الرصاص والقنابل والمدافع. ولم يكذب من قال " عيد القبيلي مرض وزواجته سكرات الموت ", لكن قائل هذا المثل لم يكن يظن يوما أن هذا القبيلي سيصبح سيد صنعاء وشيخها ومالكها أرضا وإنسانا وسينقل كل عاداته وتقاليده ورصاصه وباروده وجمره ودخانه وغنمه وبقره إلى صنعاء وعدن والمدن الأخرى, وسيحول حاراتها إلى ساحات حرب يسقط فيها قتلى وجرحى برصاص ونيران الأعراس إلى درجة أصبحت فيها صنعاء صورة مطابقة لأحداث 2011م أونسخة مشابهة للحرب بين الملكيين والجمهوريين بعد قيام الثورة. ويبدو أن كل شيء في بلادنا لايتم إلا بالرصاص فنحن نتزوج بالرصاص ونستقبل مواليدنا بالرصاص ونختن أولادنا بالرصاص وندفنهم بالرصاص ونحتفي بمناسباتنا الدينية والاجتماعية بالرصاص ونستقبل حجاج بيت الله بالرصاص ونتظاهر ونعبر عن آرائنا بالرصاص ونحتفي بنجاح طلابنا وطالباتنا بالرصاص, والذي يقول أن اليمنيين يملكون أكثر من 60 مليون قطعة سلاح بمعدل ثلاث بنادق لكل مواطن أعتقد أنهم نسوا ما يملكه الكتاب والصحفيون وأساتذة الجامعات والأطباء ورؤساء جمعيات محاربة الثأر وعلمائنا الأفاضل وأعضاء مجلس النواب ورؤساء جمعيات حقوق الإنسان وعذرهم في ذلك هو الدفاع عن النفس وليس الهجوم على النفس.
ولم يعد يقتصر الأمرعلى الرجال فهناك نساء مسلحات وطلاب مدارس وجامعات مسلحون ليس بالعلم فقط بل وبالمسدسات وقذائف ال" آر بي جي ", والخلاصة ان قبائلنا ومتمدنينا واحزابنا وبيوتنا ومساجدنا كلها مسلحة ،وقد حاول مجتهد أن يوزع ما جنته اليمن من مبالغ مالية من مؤتمري الرياض ونيويورك على 22 مليون يمني في الداخل والخارج وقال لي " وجدت أن نصيب كل يمني سيكون ستة ملايين ريال يمني فليوزعوها علينا يدا بيد ويهجعونا " فقلت له الله يرضى عليك يكفينا مافينا إذا سلموا كل واحد ما قلت ! فأول ما سيشتري به اليمني هو سلاح وقات وبعد ذلك يهتم بالأمور الأخرى وستتحول البلاد كلها إلى أسطول متحرك للقتل والدمار الشامل ".