انتشرت في بلادنا ريفه وحضره ظاهرة «إطلاق الرصاص في الأعراس» وبشكل كثيف، فنادراً ما نجد عرساً لا يطلق فيه الرصاص، وكأنها إعلان حرب. فالكبار يدعون أصدقاءهم أو أقرباءهم من العساكر والضباط لحضور العرس، بأسلحتهم وعتادهم، بينما الصغار جداً يستخدمون إلى جانب الرصاص الألعاب النارية المدوية، والتي أقرب إلى صوت الرصاص وأحياناً أكثر إزعاجاً من الرصاص تعبيراً عن فرحتهم. وتضيع كافة طقوس العرس تحت وابل الرصاص والطماش، فلا يشتم إلا رائحة البارود والرصاص الملوث للبيئة، فحتى رائحة البخور والعطور تختفي أمام الروائح النفاذة للرصاص والبارود. ولا مجال للرومانسية والحب في هذا الجو المشحون بالدخان والأصوات المرعبة والمزعجة. فلا تسود سوى رقصات الحرب، ولا تسمع الزفة المعتادة للفنان الكبير «أيوب طارش»، وقد أفزعني وأقلق راحتي أعراس أقيمت في قريتي «حيفان» وفي قرية أمي «الغبيب - أعروق»، ولم أسمع فيها سوى أصوات الرصاص والطماش بشكل متواصل ليل نهار. وكنت أظن أن ظاهرة «إطلاق الرصاص والطماش في الأعراس» مقصورة فقط على بعض المسئولين النافذين أو العسكريين الذين يتزوج أهاليهم، ولكن الظاهرة عمت الجميع دون استثناء. ويفاخر بها أهل العروسين. لم يعد الرقص والغناء والمرح له الأولوية في أعراس بلادي، وإن وجد فهو رقص غير يمني في معظمه، لدرجة أن الغناء والرقص اليمني كاد ينقرض في أعراسنا. وكأن التحضر يعني التخلي عن فننا الشعبي الأصيل. أتساءل: هل تلك الأسلحة التي تستخدم في الأعراس بهذه الكثافة وفي الغالبية العظمى من الأعراس في المدينة والريف مرخصة فعلاً؟ ومن هي الجهة التي رخصت لها؟. فكيف يا ترى سنقضي على ظاهرة «انتشار السلاح»، وهو يستخدم في الأعراس بهذه الكثافة؟ والأسوأ أن يسمح للأطفال باستخدام السلاح وإطلاق الرصاص، فأي أعراس رصاصية هذه؟ ويحدث أن يؤدي إطلاق الرصاص بعشوائية في الأعراس إلى إصابة أسلاك الكهرباء بالعطل، وما يزيد الطين بلة أن الكهرباء في حيفان كانت في رمضان وطوال العيد وربما مازالت تنطفىء بشكل متكرر وطويل يتجاوز في اليوم الواحد العشر مرات. يحدوني الأمل أن يصدر قانون صارم يمنع استخدام الرصاص في الأعراس؛ لما لها من أضرار عديدة على التلوث البيئي أو إصابة رصاصة طائشة لشخص ما، مما قد يحول العرس لمأتم، أو أن يكون هذا العرس فرصة لبعض الأشخاص للثأر أو تصفية حساباته من شخص أو أشخاص آخرين. نتمنى أن تزول ظاهرة إطلاق الرصاص في الأعراس قريباً، على الأقل في الأعراس نشعر بالرومانسية والراحة، ونسمع الطرب، ونبتهج من أعماقنا. يكفينا مآسي بسبب الرصاص. وينبغي أن يشجع الإعلام وخاصة التلفزيون الأعراس التي لا يستخدم فيها السلاح، ويدعم فيها العرسان؛ مكافأة لهم على عدم استخدام الرصاص في عرسهم. وإلا مارأيكم أعزائي القراء؟ [email protected]