مازلت أتذكر مقولة أمي - رحمها الله - حين كنا نتمارض وخاصة في عيد الفطر، ولا نتمكن من القيام مبكراً لأداء صلاة العيد فتقول لنا: "العيد عيد العافية"، والعيد يعود على نفس المنوال، فنقوم لأداء صلاة العيد ونؤدي طقوسه المعتادة في استقبال الزوار وزيارة الأهل والأحباب. ويأتي هذا العيد فنذهب كعادتنا للقرية للاحتفاء بالعيد مع الوالد والأهل، ولكن هذا العيد وقبله عيدان بدون الأم، فكيف يكون العيد بدونك يا أمي؟ إنه عيد باهت، لا طعم له، نحاول أن ننفذ تعليماتها في هذا العيد ولكن الظروف تقف حائلاً أمامنا، الوضع يتغير للأسوأ. قد تقولون كيف؟ فأقول بأننا لم نتمارض ولكن المرض يهجم علينا دون سابق إنذار، الجو خانق حتى في الريف، حيث كان يتميز الجو بالنقاء، فمنذ أواخر رمضان وحتى أواخر العيد والأطفال يلعبون بالألعاب النارية، ورائحة البارود تزكم الأنوف. لقد تطورت الألعاب النارية المسماة باللهجة الشعبية ب"الطماش" لتصبح أكثر إزعاجاً وتلويثاً للبيئة من الرصاص والأسلحة الثقيلة، بل إن أصواتها تصم الآذان. فبدلاً من أن نشم الروائح الزكية كالبخور والعطور أضحى الطماش هو البديل. ويمكن القول بصراحة: إن العيد عيد الزكام الذي أصاب الكل فترى سوق المناديل الفاين هو الرائج في العيد، وأصوات العطاش تتناغم مع أصوات الطماش. ونزلات البرد والسعال والصداع تتلازم مع هبوب الرياح والرعد والأمطار، وما يعقبها من انطفاء متكرر للتيار الكهربائي، وبالمقابل تسمع صوت المولدات الكهربائية الخاصة والتي تصيبنا بالصداع من أصواتها المتداخلة من كل حدب وصوب، وبالتلوث الذي يزكم أنوفنا. فأي عيد يمكن أن يبهجنا؟ فالزكام يعطل طاقتنا، والمضادات الحيوية والمسكنات لم تعد تجدي نفعاً، فتزيدنا خمولاً وهموداً. فمن المسؤول عن منع دخول الألعاب النارية المدمرة لقرانا ومدننا؟ وأين ألعاب الأطفال والشباب الشعبية القديمة غير الملوثة للبيئة؟. نتمنى أن يأتي عيد الأضحى، وقد زالت هذه الألعاب المدمرة، وأوجدت الحكومة بدائل أفضل وأكثر أماناً لأطفالنا وشبابنا.. ويعود العيد بالعافية والبهجة للجميع، وكل عام وكل أبناء بلدي بخير. [email protected]