الشيطان الأكبر الذي هو –حالياً- أمريكا بالنسبة لإيران، هو إيران بالنسبة للسعودية، والسعودية بالنسبة لسوريا، وسوريا بالنسبة لقطر، وقطر بالنسبة لمصر، ومصر بالنسبة لبوكو حرام، وبوكو حرام بالنسبة لبوكو حلال ..! للملائكة نسق آخر مغاير، ومتغير هو الآخر، فلا ملامح دائمة للملائكة أو الشياطين، شيطان الأمس ملاك اليوم، والعكس، المواجهات كالتحالفات آنية نسبية، ولا عناصر ثابتة في خارطة السياسة على هذه الأرض، وربما في السماء، حيث يقال إن ذلك الوغد اللئيم "إبليس"، كان "طاؤوس الملائكة"، قبل أن تودي به حماقته السياسية تجاه "آدم". بالنسبة لأمريكا، كان الشيطان يابانيا والملاك إيرانيا، لينقلب الأمر لاحقا إلى النقيض، وفي العالم الإسلامي، تبعا لأمريكا، كان الشيطان شيوعيا، ليصبح شيعيا، وتغيرت طرق المجاهدين مرارا بين أفغانستان وباكستان والشيشان ويوغوسلافيا والجزائر والصومال.. وأخيرا وليس آخرا،سوريا..! قد تحدث الانقلابات فجأة، فبغمزة ماكرة تحول الرئيس صالح من "قوي أمين"، إلى مستبد سفاح، وبمكالمة هاتفية تحولت الكبائر والموبقات إلى "مفاسد صغرى" في سبيل السلطة! وجهات الجهاد، وأهداف الإرهاب، وقضايا الخطب، وجداول التكفير.. تتحدد وتتغير وفق أجندات خاصة جدا، فلا اتجاه القبلة ولا الجاذبية الأرضية، تؤثر على البوصلة الجهادية المحكومة بجاذبية المصالح.! المصالح بحد ذاتها ليست سيئة، فهي موضوع صفحات السياسة والاقتصاد والحوادث..، ومبرر التأرجحات السياسية بين الملائكة والشياطين.. لكن لماذا تبدو تحولات ساركوزي والسادات وياسين سعيد نعمان.. طبيعية ومنطقية ومبررة، فيما تبدو تحولات الزنداني والقرضاوي وحسن نصر الله.. نزوات انتهازية قذرة..!! لاستكناه هذه المفارقة دعونا ننتقل من صفحة السياسة المملة بطبيعتها، إلى صفحة الاقتصاد، ثم صفحة الحوادث، ونتحدث عن منطق الاقتصاد حين يتعلق الأمر بالمافيا والمخدرات والأسواق السوداء والتجارة بالأعضاء البشرية..!