تقع قرية دماج جنوب شرق مدينة صعدة في شمال اليمن، وهي عبارة عن وادي به حوض مائي طيب وأرض زراعية خصبة تحيط بها الجبال من جميع الجهات. كما وهي –أيضا- مسقط رأس الإمام المجدد الشيخ مقبل بن هادي الوادعي -رحمه الله-. وأسس بها "دار الحديث السلفية "التي تقوم على عمد ثلاث: الكتاب والسنة وفهم السلف الصالح. ولأصحاب الدار ثلاثة وظائف: علم وعمل ودعوة . يتكون المركز من مسجد يتسع لأكثر من ستة آلاف مصلٍّ ومصلى للنساء يتسع لأكثر من ألفي مصلية. ومدرسة مكونة من أربعة فصول للأولاد الصغار يدرسون فيها القرآن، والعقيدة السلفية، والحروف، ويلحق بهذه الدار مكتبتان عامتان إحداهما للرجال وأخرى للنساء تقع في مؤخرة الدور الثاني للمسجد خلف مصلى النساء، وبها سكن للطلبة ومطبخ عام للطلاب العزاب وبقية الطلاب ينامون في المسجد. البيوت في مركز دماج -حسبما شاهدتها سنة 2007- كانت في الغالب من دور واحد فقط، وكلها مطلية بالطين ومتلاصقة ببعضها البعض بشكل مربعات سكنية، وبين المربع الطيني والمربع الآخر، زقاق من تراب وطين. وقيل لي يومها أن تلك المساكن تأوي قرابة قرابة خمسة آلاف طالب، يتلقون العلم في مركز الحديث والسنة، ثم إن هناك تجمعاً سكنياً من الطين أيضاً يبدو منفرداً .. ويسمى الجناح الخاص بسكن الطلاب المتزوجين مع عائلاتهم وعددهم قرابة 800 أسرة. أما نُزل زعيمهم "الحضوري" فقد بدا هو الآخر متواضعا، رائحة الطين نفاذة، وضوء "الفانوس" القديم ظل رفيقا لجلستنا معه. يومها لم يكن انطفاء التيار الكهربائي يمثل لي الظلام، بل وجدت الظلام بحذافيره وأنا أتحدث إليه عن أهمية العلم . في حين كان صاحبنا –كما سنعرف لاحقا- يراه هينا ! مازلت في وصف طبيعة المكان طبعا. على أن كل تلك المساحات التي بنى طلبة دماج فيها مساكنهم بأيديهم، هي في الأساس ملك الشيخ «مقبل الوادعي» -رحمه الله- وقد ملّكها لهم حسبما أخبروني. وبعد وفاته –رحمه الله- أصبح البقية يشترون أراضي من أهالي «دماج» بثمن رخيص، ويبنونها بأيديهم دون الحاجة –طبعا- إلى أي رسم «كاروكي» ناهيك عن استخدام المهاجل أثناء البناء، ولا أعرف ما هو الجرم في تلك المهاجل مع أنها من تراثنا اليمني العميق والأصيل، وقد استعان بها أجدادنا الأوائل وهم يشيدون المدرجات والسدود، والجماعة –ما شاء الله عليهم– "سدوا" في وجوهنا حتى محاولاتنا للإمساك بشيء من عظمة حضارة اليمن التي جاءت قبل آل سعود، باعتبارهم الرعاة الحصريين، لكل فكرة منغلقة صدروها إلينا عبر جيبهم الوهابي في دماج . يتبع غدا ...................... [email protected]