نتفاءل بمفاوضات السويد بين وفديّ الشرعية وجماعة الحوثي، لأن اليمن يستحق السلام، ولأن اليمنيين يستحقون الحياة. نتفاءل لأن ما تحقق حتى الآن في هذه المفاوضات على الصعيد الإنساني يمكن البناء عليه على طريق تعزيز الثقة والانتقال إلى قضايا أساسية أخرى مثل وقف إطلاق النار وفتح المطارات والموانئ وإطلاق العملية السياسية. ما تحقق بالنسبة لتبادل الأسرى والمعتقلين وتحديد الآليات والخطوات الإجرائية لتبادل أكثر من خمسة عشر ألف أسير، وهو رقم ليس هيّناً، يعتبر خطوة مهمة على طريق تحقيق اختراق كان مستحيلاً قبل مفاوضات السويد، لأن إعادة هؤلاء إلى ذويهم هو إنجاز إنساني بلا منازع، وإن كان مأمولاً أن تتم معالجة قضايا إنسانية ملحّة ترتبط بالحياة اليومية لليمنيين الذي يعانون شظف العيش ومرارة الحرب والجوع والمرض، وهو حقّ إنساني أيضاً، بدأت المنظمات الدولية تقرع أجراس الإنذار من كوارث محتملة أخذت تحيق بملايين اليمنيين، مع انعدام الأدوية وتقلّص الخدمات الصحيّة، وتعرّض الكثير من المستشفيات والمراكز الصحية للدمار أو انعدام الأجهزة والطواقم الطبيّة، إضافة إلى تفشّي الأمراض الفتاكة مثل الكوليرا والسرطان، وإصابة ملايين الأطفال بسوء التغذية. نعرف أن الأزمة اليمنية معقّدة، ومن الصعب حلّها في اجتماع واحد أو خلال أيام قليلة، لكن حسناً، أن شيئاً مهماً تحقّق، يفتح الباب أمام تكريس الثقة بين أطراف كانت الثقة بينهم معدومة تماماً. فالمصافحة بين أعضاء الوفدين وجلوسهما معاً وجهاً لوجه علامة إيجابية، ما يعني أن جبل الجليد بدأ يذوب، وأن الحرارة بدأت تدبّ بين المتفاوضين رغم طقس السويد الجليدي. المهم أن تكون النوايا حسنة، والأهم أن يكون هناك قرار بطيّ صفحة الحرب، والعمل على إنقاذ الشعب اليمني من طاحونة الموت والدمار، من خلال السعي الحثيث لإنجاز الحل السياسي الذي يشكّل المدخل الطبيعي والحقيقي للتسوية المأمولة، من خلال الالتزام بقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، ومخرجات الحوار الوطني والمبادرة الخليجية، التي توفر الأرضية الصلبة للحل، إذا توفّر القرار، لأن اليمن يستوعب كلّ أبنائه، والتنازل عن المواقف والشروط المسبقة هو تنازل لليمن وليس لأي طرف آخر. ثم، إن مشاركة الأمين العام للأمم المتحدة، ووزراء خارجية الدول المعنيّة بالأزمة اليمنية، دليل على الاهتمام الدولي والإقليمي بالوصول إلى تسوية تعيد السلام إلى ربوع هذا البلد العربي، وتحفظ وحدته، وتعزّز دوره في محيطه العربي، وتبعد عنه شرور المؤامرات التي تستهدف المنطقة وأهلها.