منذ أن قال الرئيس هادي "إذا لم تتفقوا ستفرض عليكم" وأنا محتار.. من هي القوة التي ستفرض على اليمنيين قرارات كالقبول بوثيقة لن يعود بها الجنوب جنوباً ولا الشمال شمالاً ولا اليمن يمناً؟ • يا فخامة الرئيس، منذ اندلاع مذبحة الرفاق عام 1986وأنت تعرف بأن وحدة اليمن هي الحل، وإن بدا الأمر غير ذلك بسبب فساد الإدارة.. ومنذ أن فزت بشرف خوض حرب صيف 94 لرفض الانفصال من موقعك كوزير للدفاع وأنت تذوب وتتشكَّل مع الوحدة.. ولم نركَ عبر قرابة عقدين من الزمن كنائب للرئيس علي عبدالله صالح إلا حاملاً لملف القضية الجنوبية من أجل عيون الوحدة.. وإذن، فإننا لا نرى مكوِّنك النفسي والوطني إلا وحدوياً.. • لقد اختار سلفك الرحيل عن النظام ولم يختر الممانعة حتى لا تسقط دولة الوحدة.. ومن واجبك أن تضحي بأي شيء من أجل أن تبقى الوحدة.. دعك من هذا المحيط الذي يزين لك باطل التشظي وابقَ وحدوياً وأنت تحكم، وحدوياً وأنت ترفض التمزيق التوافقي والانفصال التوافقي والفساد التوافقي. • وجِّه نظرك إلى القوى السياسية ومواقفها، وستجد أن حزبك ما يزال عند عهدك ووعدك الوحدوي.. ووجِّه نظرك مراتٍ إلى بقية القوى فلن تجد غير مواقف شخصية وحزبية ميكافيلية يتواضع أمامها كتاب "الأمير"، فهذا يريد الوحدة بالعودة إلى الشطرين، وذاك إلى الستة، وآخر يبحث عن التمكين ولتذهب الوحدة بشطريها أو أقاليمها إلى الجحيم.. ورابع يتستَّر وراء الموافقة على المتن مع استيعاب الهوامش.. • لقد رفض المؤتمر ورئيسه علي عبدالله صالح وممثلوه المخوَّلون في اللجنة المصغرة للقضية الجنوبية التوقيع على الوثيقة ومعهم كلُّ الحق.. ليس فقط انتصاراً لليمن وللمبدأ، وليس لأن الوحدة إنجاز لا يدافع عنه باستماتة إلا من حققه، وإنما أيضاً لأن كلَّ المنطق يقود إلى رفض الوثيقة. •هي وثيقة سيئة الصيت والسمعة، وفاقدة للشرعية لأسباب كثيرة.. لم تحظ بإجماع اللجنة المصغرة، ولم تكسب التصويت اللازم داخل فريق القضية الجنوبية، ولم تُعرض على مؤتمر الحوار، ولم تتحرك وفق أسس وضوابط المبادرة والحوار.. وهي بعيدة عن مجلس النواب ومجلس الشورى وحتى الحكومة، كما أن مضامينها الخطيرة لم تُعرض في استفتاء على الشعب. • وإذن، فإن كلَّ يمني هو معنيٌّ برفضها، ولستَ من موقعك إلا رئيساً لليمنيين، ومن غير الحكمة أن يتم سلق وثيقة بضغوط التوقيع أو بالتفويض حتى لو تم ذلك وسط سيل من التأييد الاصطناعي من قيادات عسكرية ليس من مهماتها الاستباق إلى برقيات مباركة تسوية التمزيق والتمييز، وإنما الدفاع عن وحدة البلاد، وفقاً للقَسَم الذي يزلزل سماء حفلات تخرج كل الدفعات العسكرية. • فخامة الرئيس، هذه الوثيقة التمزيقية "دبور" على اليمن، تاريخاً وجغرافيا وبشراً، وبيدك أن ترفضها انتصاراً لإرادة الشعب والوطن.