في دموع أمل باشا من حرقة الألم وفي الحلق من الغصة ما يكفي لأن يجعل الكلمات عاجزة عن أية إضافات في مشهد الفاجعة وللدكتور أحمد شرف الدين من حسن السيرة ألسن لهجت وستلهج بما يفي مناقب الرجل ومآثره حقها من خالد الثناء، غير أنه خلف عاطر الذكر الذي فاح من جراح الدكتور شرف الدين وهو يصعد شهيداً، كانت طلقات الغدر التي صوبت إلى رأسه تكتب فصلاً جديداً من العتمة في مستقبل وطن بلا عقل ولا قانون وتزيح يداً أخرى يمكن أن تلجم البندقية وتعيق هيمنتها على الحياة مستقبلاً. منذ انطلاقتها تركزت الاغتيالات بشكل رئيسي على ضباط المؤسسة العسكرية لتمثل جريمة العرضي ذروة استهداف رمزية قوة الدولة وهيبة القانون، بين المدنيين، استهدفت الاغتيالات شخصيات اجتماعية وقيادات حزبية لتغتال بالدكتور شرف الدين العقل الذي يمكن أن يخفف جذوة الصراع ويفتح نوافذ السلام بين المتقاتلين. الدكتور شرف الدين والدكتور جدبان والمحامي الدولة ليس لثلاثتهم عداوات شخصية ولا علاقة لهم بالسلاح وإنما هم رموز مدنية ورجال قانون الأول يعلمه والثاني يشرعه والثالث مدافع عنه في ساحات القضاء، وقاتلهم أو قتلتهم المأجورون أرسلهم شخص واحد أو مافيا واحدة، كاد الدولة أن يكشف مسئوليتها على جريمة قتل الشباب في جمعة 21 مارس وأصر الدكتور جدبان أن يفتح ملفات فسادها، وينشر على الملأ وثائق سطوها على المليارات من المال العام ولكن هل كان دافعها لاغتيال الدكتور شرف الدين هو أن مكانته العلمية ستقف حجر عثرة أمام مشروعها السياسي الذي أعد مؤتمر الموفنبيك لتمريره وإنتاج طلاء مشروعية له؟! ربما. وربما كان اغتياله استهدافاً للواجهة السياسية لأنصار الله ورداً على ضربة كتاف الموجعة إن لم تكن القاصمة. الأخطر من ذلك أن لا تكون خصوصية الدكتور شرف الدين وميزاته الذاتية هي الدافع وكان الاغتيال مجرد رسالة لطرف سياسي، كاغتيال مستشار محافظة لحج رئيس فرع المؤتمر في نفس اليوم فهذا يعني أن كل شخص في هذه البلاد وهذه المرحلة عرضة للاغتيال، سواء كان أستاذ قانون أو سائق تاكسي، ليس لأن الصدفة اختارت أن يكون في مستشفى العرضي لحظة انطلاقة إرهابي بسيارته المفخخة إلى الحور العين اللائي وعد بهن ولكن لأن قاتلاً مأجوراً كلف بإرسال رسالة ما.. سيستمر تدفق الحياة وستكل بندقية المأجور أو تتجه صوب مرسلها في النهاية تلك سنة الحياة، ولكننا معنيون للغاية بوقف النزيف وسقوط المزيد من الضحايا. رسالة تجلت بوضوح في وجوه وكلمات أنجال الشهداء ويجب أن نصمم معاً على وصولها إلى السفلة من أصحاب رسائل الموت بأسرع ما يمكن.