إذا ما ألقيت نظرة فاحصة على بؤر التوتر في العالم, فإن الدهشة ستكون هي سيدة الموقف.. وإذا ما اتسعت هذه النظرة إلى سبر أعماق مناطق الاحتدام تلك, فإن الدهشة وحدها لا تكفي لتفسير كل ما يحدث, بل ستجد نفسك أمام حقيقه أن العالم يتغير فعلاً! وإذا ما عدنا بالذاكرة إلى آواخر العام المنصرم, عندما قام الرئيس الروسي بوتن بزيارة خاطفة الى العاصمة الأردنية ليشاهد من شرفة الفندق الصواريخ الروسية وهي تُسقط إحدى المقاتلات التركية - أمريكية الصنع وشظايا القذائف تتطاير في كل اتجاه والبراميل المفخخة تسقط على أحياء المدن السورية والدماء وقد اختلطت بركام البيوت المنهارة.. إذا ما عدنا بالذاكرة إلى نظرات الرئيس بوتن تلك وأسقطناها على التطورات التي تشهدها (أوكرانيا)حالياً, فإن الأمر لن يقتصر على مجرد التوقف عند أطلال هذه المشاهد المأساوية وإنما سيمتد إلى أبعد من ذلك بكثير, خاصة وأن ثمة رقعة شطرنج يجلس على إحدى جانبيها رجل (الكرملن ) وعلى الجانب المقابل من الطاولة (رجل البيت الأبيض) حيث لاتزال اللعبة مستمرة ،إذ لا أحد يستطيع التكهن بنتائجها أو تحديد اسم الفائز فيها! وبطبيعة الحال, فإن الأمر لا يقتصر على نقلات اللاعبين تلك, بل امتدت إلى نقلات أخرى، جرت أحداث بعضها في مؤتمري جنيف و في تسليم الرئيس بشار الأسد المخزون السوري من غاز الخردل, فضلاً عن وقائع أخرى عديدة جاءت في إطار هذه اللعبة التي لم تنته بعد حتى الآن. ويبقى موقف المتفرجين إلى نقلات البيادق في لعبة الشطرنج هذه بين لاعبين محترفين, أظهر كل واحد منهما حتى الآن مهارات فائقة في الكر والفر و المكر.. وأحياناً التضحية ببعض المواقع والجنود لتحقيق غايات أبعد من مجرد تلك التضحيات! والأمر بالطبع لا يقتصر على حدود لعبة الشطرنج وإنما يمتد إلى أبعد من ذلك بكثير, حيث الأنظمة الحليفة تتساقط مقابل أخرى تتأهب للانتقال من حضن الدب الروسي إلى جوار الخرتيت الأمريكي ! كل هذا يحدث والمتفرجون لم يملوا من مشاهدة هذه اللعبة بعد.. ينتابهم شعور بالكآبة أو الملل أحياناً, لكنهم لا يتأثرون البتة تجاه ما يجري من خسائر كارثية جراء احتدام الصراع بين اللاعبين الروسي و الأمريكي للسيطرة على القلعة أو محاولة محاصرة الملك, وذلك قبل أن يقول الفائز لخصمة: • كُش ملك!!