تدور في مصر حالياً منافسة كبيرة بين نجوم مسلسلات رمضان على مواقع التواصل الاجتماعي لتسويق أنفسهم وأعمالهم. «أنا مسلسلي أصبح تريند على الفيسبوك»... «الحلقة رقم 7 أو مشهد القتل تحوّل لترند خلال 5 ساعات فقط»... مصطلحات باتت مألوفة من الفنانين المصريين على مواقع التواصل الاجتماعي، فبعيداً عن المنافسة بين الممثلين على الشاشات، تحوّلت المنافسة في ماراثون دراما رمضان على «السوشيال ميديا»، وهو ما فسّره الخبراء بتسويق أعمالهم لتحقيق انتشار أوسع وجلب الإعلانات، منتقدين في الوقت ذاته وجود منافسة غير عادلة تنقل أعمالاً ضعيفة إلى القمّة، بعد اعتماد البعض على «الترند» في قياس نجاح العمل من عدمه. من جهته، يؤكّد الخبير الإعلامي والإعلاني عمرو قورة أنّ 90 في المائة من هذه الترندات من صنع أصحابها، ووصفها ب«الوهمية»، وقال ل«الشرق الأوسط»: «مع الأسف أغلب ترندات مسلسلات رمضان وهمية وليست حقيقية، لأنّ كل مسلسل أو فنان لديه فريق (سوشيال ميديا) خاص به، تتلخّص كل مهمته في نشر شيء معين كجزء من حلقة أو مشهد مؤثر بشكل كثيف في شكل هاشتاغ، ويكون هناك أكثر من فرد في هذا الفريق على أكثر من جهاز حاسب آلي ينشرون أيضاً هذا الهاشتاغ، وكل واحد من هذا الفريق له أشخاص تابعون له يسهمون أيضاً في نشر الهاشتاغ المقصود، وفي خلال ساعات قليلة نجد الأمر انتشر بسرعة كبيرة وتحول لترند، ولا يعبر عن متابعة حقيقية أبداً».
وأضاف قورة: «الدّليل على كلامي هذا، أنّ الترندات التي انتشرت وكلنا شاهدناها، نجد عليها في الأغلب 3 أو 4 تعليقات، وفي الغالب هؤلاء بعدد فريق السوشيال ميديا العامل في المسلسل أو لدى الفنان»، موضحاً أنّ «الترند لا يكون في كل الأحوال أمراً إيجابياً، فمن الممكن أن يكون سلبياً عندما تنتقده الناس بشدّة، وهذا بالطبع ليس من صنع أصحاب الأعمال، مثل مسلسل (البرنسيسة بيسة) الذي لقي انتقاداً وهجوماً غير مسبوق». ولفت قائلاً: «نحن في مصر وبعض الدّول العربية، ليس لدينا أي مقياس للمشاهدة والمتابعة، والمؤكد أنّ أذواق عامة الشّعب مختلفة كلياً عن أذواق رواد السوشيال ميديا».
وتابع قورة أنّ «السوشيال ميديا والترندات تخلق حالة وليست نجومية أو موهبة بالتأكيد، ولدينا مثال لمحمد رمضان الذي حوّل نفسه إلى حالة، الكل يتمنى أن يصبح مثله خصوصاً الطبقات المتوسطة أو الفقيرة، لأنّ لديه فريق سوشيال ميديا ناجح جداً دائماً ما يظهره بسياراته الفارهة والفيلات التي يعيش فيها، ومن ثم تحول لحلم وحالة لدى كثير من الشباب، وياسمين صبري أيضاً التي تعدّ من أذكى الفنانات في التعامل مع السوشيال ميديا وخلقت من نفسها حالة وحلماً أيضاً لدى كثير من الشابات من خلال صورها على (إنستغرام) و(فيسبوك)، ولكن بالتأكيد من دون الموهبة أو النجومية الحقيقية فإن كل ما يفعله هؤلاء مجرد وهم، ومع الوقت سيفقدون بريقهم».
ويتنافس 18 مسلسلاً مصرياً بماراثون رمضان الحالي، على خطف الأنظار وتحقيق نسب مشاهدة مرتفعة، بعد تقليص ميزانيات الإنتاج وتخفيض أجور الفنانين إلى أكثر من الثلث، ويتعرّض كثير من تلك المسلسلات إلى انتقادات كثيرة من رواد مواقع التواصل الاجتماعي التي وصفوا بعضها بالضّعيف والمكرّر.
بدوره، يقول خالد البرماوي الخبير الإعلامي والمتخصّص في الصّحافة الرّقمية ل«الشرق الأوسط»: إنّ «الترند هو الذي تتحدّث عنه الناس بصورة كبيرة خلال وقت قصير، ربما 3 أو 4 ساعات على الأكثر». وأضاف: «لا يوجد أبداً أي ترند مفبرك، ولكن مصطنع، بمعنى أنّ هناك من يقف وراء انتشاره بهذه الكثافة على السوشيال ميديا، ولكنّ هذا لا يمانع أن بعض الأمور حقيقية، والناس تفاعلت معها بحق وليست مصطنعة، فمثلاً مشهد دينا الشربيني عندما اكتشفت خيانة أختها في مسلسل (زي الشمس)، تفاعل الناس معه، ومع مرور السّاعات تحول لترند، وقد يكون هذا الانتشار من صنع فريق السوشيال ميديا الخاص بالمسلسل نفسه، أي أنّهم صنعوا ترويجاً مقصوداً للمشهد، وبالتالي الحصول على دعاية كبيرة له».
وأوضح البرماوي أنّ الترويج للترند قد يُدفع له مبلغ مادي، وقد لا ينم عن حالة حقيقية، كما أنّه من المفترض ألّا يستغرق الترند أكثر من ساعات معينة، ولكن الفرق المتخصّصة في السوشيال ميديا التي تتبع المسلسل أو الفنان، يسهمون في إطالة عمر الترند بنشره على أوسع نطاق ممكن واللعب على المحتوى بشكل أو بآخر.
وأكد البرماوي أنّ «النّجاح في تسويق الأعمال الدّرامية على السوشيال ميديا يسهم بشكل غير مباشر في إفادة العمل الفني من خلال زيادة نسب الإعلانات على العمل»، لافتاً إلى أنّ «هناك شركات إعلانية كثيرة تراقب وتتابع مدى مشاهدة الناس لعمل معين ونجاحه لدى الجمهور}.