يكتب التاريخ دائماً لمن يطيح بالديكتاتورية سطوراً لا تُمحى، حتى وإن أخطأ صاحبها بعدها، فمن يقد ثورة الشعب يُغفر له ما تقدم، فبعد صراع طويل مع سرطان القولون رحلت كورازون أكينو الرئيسة الحادية عشرة لجمهورية الفلبين.
ولدت أكينو في العاصمة مانيلا في 25 يناير 1933، وحكمت الفلبين من 25 فبراير 1986 إلى 30 يونيو 1992م، سبقها الديكتاتور فرديناند ماركوس، وكانت تتزعم المعارضة الفلبينية، ليرفعها الجيش إلى سُدة الحكم بعد فرار ماركوس وزوجته إيميلدا حاملةً أحذيتها الشهيرة التي كانت تدق على رؤوس الفلبينيين.
هي أول امرأة تتولى رئاسة دولة آسيوية؛ فبعد أن كانت ربة منزل، أصبحت رئيسة بعد تردد عقب اغتيال زوجها زعيم المعارضة بنيجنو أكينو في 21 أغسطس 1983، وأعادت صياغة دستور البلاد، وأفرجت عن كل المعتقلين السياسيين منذ عهد ماركوس وبدأت محادثات سلام مع مختلف حركات التمرد، لكن شبح تدخل الجيش انتاب حكمها بأكمله، كما تسببت الكوارث الطبيعية ومن بينها ثورة بركان بيناتوبو في 1991 في الإضرار بالاقتصاد بشكل كبير.
الرئيسة الحالية جلوريا أرويو أعلنت الحداد عشرة أيام على أكينو، التي وصفتها بأنها "كنز وطني"، رغم مطالبة أكينو مرات عدة باستقالة أرويو التي كانت تؤيدها لكن سنوات رئاستها التسع اتسمت بفضائح عدة، وقد أعلن ولدها وصيتها التي تلخصت في "أن نصلي لبعضنا البعض ومن أجل البلاد".
كما قادت الراحلة كورازون أكينو حركة الاحتجاج السلمية من أجل إسقاط الرئيس جوزيف استرادا الذي استشرى الفساد في عهده، إلا أنها تصالحت مع استرادا قبيل وفاتها وسمحت له بزيارتها قبل أسبوع، وأكد استرادا عقب وفاتها أن "الشعب فقد اليوم أماً"، نفس الشعب الذي سيتذكر "كوري" - كما كان يناديها دائماً - بأنها المرأة النحيلة بالملابس الصفراء التي أزاحت جبل الديكتاتورية عن كاهل شعب لا يعرف الإذعان.