أعلن ثوار اليمن إنهاء اعتصامهم في ساحة التغيير بالعاصمة صنعاء، وكذا الحشد الجماهيري لصلاة الجمعة بميدان الستين، في بادرة تتسق مع تطور الأحداث في البلاد، وذلك في أعقاب القرارات العسكرية الأخيرة التي أصدرها الرئيس الانتقالي عبد ربه منصور هادي، وأقال بموجبها نجل الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح من منصبه كقائد لقوات الحرس الجمهوري، التي ألغيت ودمجت بالجيش اليمني. وسادت حالة من الرفض والألم لدى بعض القوى الثورية وكثير من المواطنين، الذين تحسروا على عدم تنظيم الثوار لصلاة الجمعة اليوم بميدان الستين، حيث أن الآلاف من السكان اعتادوا على مدى عامين الصلاة بساحة التغيير وميدان الستين، منذ انطلاق ثورة 11 فبراير 2011، وباتوا مرتبطين بها وجدانيا وشعوريا. تقويض أثاث الثورة وبدأ شباب الثورة اليمنية اليوم الجمعة في إزالة خيام الاعتصام بساحة التغيير، ورفع البناء الإسمنتي حول المنصة الرئيسية التي أقيمت بمدخل جامعة صنعاء وحول نصب "الإيمان يمان والحكمة يمانية"، وفتح الطرقات بالشوارع المحيطة بالساحة. وقال حبيب العريقي عضو اللجنة التنظيمية للثورة الشبابية الشعبية السلمية -في حديث للجزيرة نت- إن "قرار إخلاء ساحة التغيير يرتبط بتحقيق أهم أهداف الثورة، الذي تمثل في إسقاط النظام العائلي الاستبدادي". وأشار إلى إقالة نجل صالح من منصبه كقائد للحرس الجمهوري، وإزاحة بقية أقاربه وأعوانه من المؤسسة العسكرية والأمنية، وإنهاء الانقسام في الجيش، وتوحيد قيادته. وأضاف أن تنظيمية الثورة أبقت على الفعل الثوري الذي سيتخذ شكلا جديدا، يتمثل في الرقابة على مؤتمر الحوار الوطني الذي انطلق في 18 مارس/آذار الماضي، والذي سيحدد ملامح الدولة المدنية، والنظام السياسي، وصياغة دستور جديد. وأكد العريقي أن أي انحراف لمخرجات مؤتمر الحوار الوطني عن أهداف الثورة سيجعل الخيارات مفتوحة، بما فيها العودة إلى الاعتصام بساحة التغيير، والبدء بتحرك ثوري عبر مسيرات وتظاهرات حاشدة، وذلك لضمان خروج الحوار بما يتفق مع أهداف الثورة في التغيير، وبناء دولة مدنية ديمقراطية. في المقابل، أعلن بعض الشباب الصمود في الساحة والبقاء داخل الخيام، وهم من المرتبطين بجماعة الحوثي في صعدة التي تطلق على نفسها حركة "أنصار الله"، كما سيروا تظاهرة داخل ساحة التغيير، لرفض مغادرتها والإصرار على الاعتصام داخل الخيام. باقون في الساحة وأكد خالد المداني مسؤول "شباب الصمود" الحوثي -للجزيرة نت- بقاءهم بساحة التغيير لتأكيد استمرار الثورة، وقال إنهم اليوم يطالبون بإسقاط حكومة الوفاق الوطني، التي أسماها "حكومة المحاصة". وبدت شعارات جماعة الحوثي مرفوعة أمام خيام المعتصمين بجانب صور قائد الجماعة عبد الملك الحوثي، وصور شقيقه الأكبر حسين الحوثي، مؤسس الجماعة الذي قتل في يونيو/حزيران 2004 في أول حرب في صعدة بين نظام صالح والمسلحين الحوثيين. غير أن نشطاء آخرين يرون أن إنهاء الاعتصام بساحة التغيير لا يعني زوال الفعل الثوري لشباب الثورة، ويعتقدون أن ساحة التغيير التي احتضنت شباب الثورة ونصبت بها أول خيمة في 20 فبراير/شباط 2011، وسقط بها المئات من الشهداء وآلاف الجرحى، ستبقى رمزا للتغيير في ذاكرة الشعب اليمني. من جهته، اعتبر المحلل السياسي ياسين التميمي -في حديث للجزيرة نت- أن إنهاء الاعتصام، وتعليق الاحتشاد في صلاة الجمعة قد ولّد لدى الثوار وأنصارهم حالة من الشعور بالفقد، لأن الثوار وأنصار التغيير يجدون في ساحة التغيير والاحتشاد في صلاة الجمعة مؤشرات على بقاء الإرادة والرقابة الثوريتين حاضرتين، في خضم التحديات التي صاحبت عملية التغيير الثوري خلال العامين الماضيين. لكنه رأى أن صدور قرارات الرئيس هادي -التي أطاحت بهيمنة أقارب صالح على أهم الوحدات العسكرية- قد وضعت حدا للشعور بالقلق حيال الكمائن الخطيرة التي كانت تتربص بإنجازات الثورة والتغيير في اليمن، والتي كان يمثلها بقاء جزء من الجيش خارج سيطرة الدولة. ولهذا استحقت تلك القرارات أن تنعقد لأجلها جمعة "النصر" الأسبوع الماضي. اخبارية نت – الجزيرة نت