عام آخر يودعه اليمنيون بمزيد من الأوجاع والأنين، فسنة 2013 كانت حبلى بالتعقيدات السياسية والأمنية والاقتصادية. آخر الأوجاع لليمنيين تمثلت في جريمة الضالع التي تعد بحق من أبشع الجرائم ضد الإنسانية وضد الضمير الحي، فالجريمة ستؤرخ لتاريخ أسود لعام ألفين وثلاثة عشر.
لا يكاد يصدق عاقل أن قذيفة دبابة تخترق صفوف المدنيين وتحدث مجزرة في صفوفهم إلا أن تكون بفعل فاعل وبقصد قاصد.
لا يمكن أن تأتي هذه الحادثة عن طريق الخطأ إطلاقاً.. والمحللون العسكريون يدركون ذلك جيداً، فالمجزرة لا شك كانت متعمدة ووراءها يقف وحوش لا يملكون سوى قلوباً سوداء قاتمة.
أكثر ما يتم التخوف منه هو أن يكون هناك مخطط مدروس لإسقاط المحافظات الجنوبية، بحيث يتم في البداية ارتكاب جرائم ضد المدنيين يستنكرها الجميع، ثم يحدث بعدها انسحاب لوحدات الجيش من المقار الأمنية وتسليمها للمواطنين.
فالسيناريو الذي حدث في حضرموت يتكرر الآن في الضالع، البداية بقتل مدنيين أبرياء من قبل وحدات الجيش والنهاية تأتي بالسيطرة على مؤسسات الدولة.
المؤلم في كل ما يحدث في البلاد من أعمال عنف هو الصمت المخيف من قبل الحكومة ، لا تنديد ولا استنكار ولا حتى برقيات عزاء ومواساة.. وكأن حكومة الوفاق تعيش في كهف آخر وفي زمن آخر.
الحكومة لا تعي ما يحدث في الجنوب ولا للفقراء الذين يتضورون جوعاً في الداخل، ولا للحروب التي تندلع في محافظتي عمران وصعدة.
والاستهتار الأكبر في تلك الجرائم هو في التصريحات التي تأتي من هنا أو هناك والتي تتحدث عن وجود أخطاء في تلك الجرائم.
الأخطاء هنا تتكرر وتتزايد... فجريمة وزارة الدفاع التي لن ينساها الناس.. يتبجح تنظيم القاعدة ويقول إنها كانت عن طريق الخطأ..وقصف المدنيين الأبرياء أثناء مرورهم في موكب عرس بالبيضاء عن طريق الطائرات الأمريكية بدون طيار يقولون إنهم كانت عن طريق الخطأ.
حتى قبل الهبة الشعبية في حضرموت قتل سعد بن حبريش وخرج من يقول لنا إن ذلك كان عن طريق الخطأ.
الخطأ هو المتهم الأول في كل هذه الجرائم.. وحدهم المواطنون الأبرياء من يدفعون ثمن ذلك.. فيما حكومة الوفاق تعيش في موت سريري..ووطن يتجرع الآلالم والأحزان.. وحوادث توجع القلوب والأفئدة.
لم يعد المواطن يشعر بالأمن والسكينة يا حكومة الوفاق.. لا أمن اقتصادي ولا غذائي..وأكثر ما يخافه المواطنون الآن هو استمرار استهدافهم فيأتي من يقول إن ذلك عن طريق "الخطأ".