بدأت صباح اليوم الأحد التاسع من شعبان 10 يوليو 2011 في مديرية السوم بوادي حضرموت فعاليات طقوس زيارة نبي الله هود, عليه السلام, حيث يشهد شعب النبي هود في وادي الأحقاف توافد حشود كبيرة من مختلف مناطق محافظة حضرموت وهم يرددون الزوامل والأهازيج الشعبية التراثية وبعض الفقرات الدينية الخاصة بالمناسبة. وتقام على هامش الزيارة الأسواق التجارية الشعبية التي تباع فيها المنتجات المحلية والصناعات التقليدية القديمة, ويحرص على حضور فعاليات الزيارة التي تستمر, على مدى أسبوع, شخصيات اجتماعية ودينية من كل أرجاء اليمن والبلدان العربية والإسلامية. أكد القرآن الكريم على أن النبي هودu بعث إلى قوم يقطنون بالأحقاف وهي الاسم القديم لمنطقة وادي حضرموت، وتتحدث مراجع تاريخه عديدة عن أن القبر الموجود في منطقة شعب هود (140 كيلو متر شمال شرق سيئون) هو ذاته قبر النبي هودu وبجواره نهر يسمى (الحفيف) وبالقرب منه بئر ماء تسمى (برهوت) يقال أنها البئر المذكورة في القرآن في قوله تعالى، كما يتحدث بعض المؤرخين عن أن الزمن الافتراضي للقبر المذكور حوالي أربعة آلاف عام، وقد بنيت في تلك المنطقة مدينة كاملة من البيوت وخططت بها أسواق وأماكن للبيع والشراء، ولكل أسرة من اسر حضرموت المشهورة هناك بيت يسمى(خدر) كما أن تراخيص البناء عادة ما تعطى فقط من قبل مشائخ آل عباد الذين يمنحون ما يحصلون عليه على الترميمات في القبر والمسجد وبقية المعالم. تبدأ استعدادات الزائرين منذ أواخر جمادي الثانية ثم في نهاية شهر رجب الحرام يبدأ الإعلان الرسمي عن الزيارة وذلك تزامناً مع ذكرى حادثة الإسراء والمعراج ليلة السابع والعشرين من رجب ، وأثناء إقامة الموالد في هذه الليلة يتم البدء بحث الناس على الزيارة في المساجد والمجالس، وعادة ما يصاحب ذلك ما يُعرف ب(التهويدة) و(الرزيح) فأما التهويدة فهي تسجيعات دينية تحث على الزيارة وعند آخر كل تسبيحه يُنطق بلفظ الجلالة، وأما الرزيح فهي ارب إلى العادة الشعبية حيث يقوم بها الأهالي فيصطفون على شكل مجموعات كل مجموعة تتكون من عشرين إلى أربعين شخص يتوسطهم شلال أو حادي ( منشد ) ويبدءون بترديد الأهازيج والأراجيز الدينية ويكون مع ذلك بعض الحركات والقفزات ذات الأداء الإيقاعي المنتظم. قبل اختراع وسائل المواصلات الحديثة المتمثلة في السيارات والناقلات بأنواعها كان الزوار يتخذون من الجمال وسيلة النقل الأولى وكانوا يقومون بتخضيب الجمال المهيأة للزيارة وكانت كل مجموعة تصطحب معها دليل سفر يسمى (خفير) أو (سير) يكون لديه خبرة بطرق الصحراء ، أما الآن فاغلب الزوار يستخدمون وسائل النقل الحديثة ، وعادة ما يزمن مرافقا لهذه المواكب ما يسبه السوق المصغرة حيث يكون هناك من يعرض السلع والخدمات كل ما يحتاجه الزوار ، ولا يصل الزوار إلى مقصدهم إلا بعد أن يكون قد سبقهم بعض العمال المنتدبين لتجهيز المنازل والخدور المخصصة لاستقبال الزوار القادمين. حين الوصول لشعب هود يقف الزائرون أمام بئر التسليمة المسماة هناك، ويتقدم المسلّمين الشيخ أو المنصب ولا يقوم بالتسليم غالبا إلا من ينتمي إلى العلويين(وهم ذرية النبي صلى الله عليه وآله وسلم) الذين يلقبون بالحبايب فيسلم على الأنبياء والرسل مبتدأً بالنبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم ثم يردد الحاضرون ما يقول، ثم ينطلقون لزيارة القبر بالكيفية التي سنذكرها لاحقاً، وعادةً ما يكون الوافدون إلى الشعب مقسمين إلى وفود كل وفد يمثل منطقة أو عائلة كبيرة، ولكل بلد غير تريم دخلة واحدة أما تريم فان لكل بيت من بيوتها العلويين فيها دخلة وزيارة ومن أهمها: " دخلة الإمام أحمد بن زين الحبشي ودخلة آل الحداد ودخلة آل بلفقيه ودخلة الإمام حامد باعلوي...الخ. وفق نظام خاص. أما القبائل المنتمية إلى مناطق قبلية فإن لهم دخلة مميزة يوم الحادي عشر من شعبان يتقدمهم ويزور بهم منصب آل الحامد ويُصاحب زيارتهم إطلاق عيارات نارية وإقامة النصع وهي عادة مستحدثة نشأت في الآونة الأخيرة، كما ويصاحب بعض الدخلات رفع رايات تسمى البيارق مكتوب عليها عبارات التوحيد. يقضي الزائرون أربعة أيام ذهاباً وإياباً وإقامةً لإتمام مراسيم الزيارة يتم خلال هذه الأيام الاشتغال بذكر الله وتلاوة القرآن والتعبد والدعاء لله ويتم على وجه الخصوص التسليم وقراءة سورة هود والفاتحة وبعض الأدعية المعتادة وإلقاء المحاضرات والمواعظ الدينية ، كما تقام في ليالي الزيارة ألعاب شعبية ورقصات تراثية منها ( الشبواني ) و ( الخابة ) وتقوم عادة كل بلدة بألعابها أمام بيت منصبها حتى الليل.ويحرص الزائرون على الغسل في النهر القريب من قبر هود والسقي للشرب منه كما يمرون بعد زيارة قبر النبي هود عليه السلام بصخرة الناقة.