منذ سنوات والحضارمة يطالبون بوجود (قناة حضرموت الفضائية) لتعبر عن همومهم وقضاياهم و تطلعاتهم وافكارهم حتى وان اقتصرت على الجوانب الاجتماعية والعلمية والثقافيه والتراثية والتنموية وبعيداً عن التعاطي السياسي والحزبي. وقد عبرت جبهة انقاذ حضرموت منذ انطلاقتها في عام 2011م وكذلك العصبة الحضرمية منذ قيامها في عام 2012م عن هذا الطموح المشروع للحضارمة، وناشدت القادرين في القطاع الاهلي لتبنيه، كما انها اتخذت خطوات اولية عملية في هذا السبيل وان كانت خطوات لم يكتب لها الاستمرار والنجاح. وعندما كنت في القاهرة عام 2011م تداولت موضوع قناة حضرموت هذا وبشيء من التفصيل حول الامكانية الفعلية لإقامتها مع الاستاذ والمخرج الحضرمي المقيم هناك ابو بكر باخطيب، وافادني انه لا توجد معوقات كبيرة لانشاء مثل هذه القناة اذا ما توفر تمويل مناسب لها خصوصاًوانا ستهتم بقضايا وهموم غير سياسية ولا تطرح رؤى حزبية. ومنذ ذلك الحين كنا في تواصل مستمر واهتمام ومتابعة منتظمة حول كيفية انشاء هذه القناة الحضرمية الاهلية مع بعض الشخصيات والمجموعات التي يعنيها هذا الشأن. وتحمل الاستاذ العزيز خميس علي حمدان احد مؤسسي جبهة انقاذ حضرموت والعصبة الحضرمية فيما بعد عبء التعامل مع ملف هذه القناة. واصدرنا في ذلك اعلاناً للجمهور الحضرمي في الوطن والمهجر عبر المواقع الاكترونية الحضرمية وطلبنا منه المبادرة بالاسهام في تمويل هذه القناة من خلال اكتتاب مالي ومشاركة باسهم تكون ميسّرة وممكنة لغالبية الحضارمة. وبذل الاستاذ خميس حمدان جهده الصادق والحثيث في ذلك من حيث وضع دراسة جدوى وكيفية الخطوات الممكنة لتنفيذ هذا المشروع الحيوي لحضرموت اولاً قبل ان يكون للعصبة الحضرمية، فاتصل باكثر من شخص له علاقة بهذا الموضوع، ومن ذلك قابل المحامي على ابوبكر باوزير بالمكلا واستفسر منه حول كيفية المساهمة المالية للافراد في مثل هذه المشروعات وماهي النظم والاجراءات المتبعة في ذلك. وافاده الاستاذ على باوزير بما يلزم اتباعه من خطوات قانونية في هذا السبيل. ومن خلال الاعلان الذي نشرناه باسم العصبة الحضرمية لمشاركة ومساهمة الحضارمة في انشاء هذه القناة الحضرمية الاهلية جاءتنا ردود ايجابية من حضارمة في ماليزيا واندونيسيا وشرق افريقيا وغيرها. واخبرني احدهم وهو الاستاذ سامي باحفين ان هذا المشروع قد حظي في ماليزيا وحدها بترحاب كبير، وان هناك العديد من حضارمة ماليزيا على استعداد في تمويل إنشاء هذه القناء الحضرمية. وفي زيارتنا للمملكة العربية السعودية في مارس 2013م كانت الفرصة مواتية لطرح فكرة تمويل القناة الفضائية الحضرمية وإخراجها الى النور. وقد تحمس لها العديد من تجار حضرموت وغيرهم من الحضارمة هناك من حاملي الجنسية السعودية ومن غير الحاملين لها. واستكملت لدينا صورة عامة وشاملة عن الخطوات الضرورية التنفيذية لانشاء هذه القناة ادارياً وفنياً وقانونياً ومالياً. واصبحت مسالة إقامة هذه القناة الفضائية احد انشغالاتنا واهتماماتنا ومتابعاتنا في قيادة العصبة في الوطن والمهجر. وفي اوائل عام 2014م وخلال لقاء جمعنى بالشيخ المهندس عبد الله احمد بقشان في قصره العامر بالمكلا اكد لي بانه مع مجموعة من تجار حضرموت في السعودية سيتبنون مشروع انشاء قناة حضرموت الفضائية مالياً وإدارياً وفنياً، بل انهم اتخذوا خطوات عملية وتنفيذية في ذلك وبعد مضي سنوات من الدراسة والبحث والتقصي ولضمان استمرارها بعون الله تعالى. وعلمت فيما بعد انهم قد اختاروا مكاناً مناسباً في حي المعادي بجنوب القاهرة وجهزوه بما يلزم من معدات واحتياجات، وحصلوا على تراخيص أولية بذلك. وقد نزلت هذه الاخبار المفرحة والمبشرة علينا برداً وسلاماً. ولم يبق امامنا الا انتظار يوم التدشين بالبث التجريبي ويعقبه البث المنتظم عبر الاقمار الصناعية المعروفة. وتوقعنا ان يكون بداية البث التجريبي في مناسبة دينيه تليق بهذا الحدث المهم في حياة مجتمعنا الحضرمي ومنها مناسبة حلول شهر رمضان المبارك، او احد العيدين، او اي مناسبة دينيه او غير دينيه اخرى .واقتضى الواجب منا في العصبة الحضرمية ان نترك (الخبز لخبازه ) وان (نفرمل) في نشاطنا في هذا المسعى طالما وان الله عز وجل قد منّ علينا باهل الخير والصلاح من رجالاتنا الحضرميه بالتكفل بهذه المسألة، وهم الاقدر و الاجدربها بعون الله تعالى وقدرته، وعلينا فقط المساهمة بما نستطيع من جهد علمي او ثقافي او اعلامي او تنويري مساند ان طلب من ذلك، ودون إقحام انفسنا في شؤون هذه القناة وكيفية إدارتها وما تبثه فيها. ويكفي ان تكون هذه القناة موجودة لتنقل الى الدنيا باسرها اسم حضرموت وثقافتها وتراثها وتاريخها و اوضاعها الاجتماعية والاقتصادية وغيرها. وظللنا نترقب بشوق ولهفة من حين الى آخر ظهور هذه القناة الحضرمية. ومرت الايام والاسابيع والشهور واقتربنا من عام ودون ان تبرق في الافق ومضة النور وشعلة الامل، و دون ان نرى شمس هذه القناة الحضرمية الموعودة تشرق علينا وتنير جوانحنا بالضياء والسعاده، فغمرنا الاحباط والإكتئاب بل والعجز من فعل المفيد، وسادنا شعور بانعدام الرغبة في الحديث عن هذا الموضوع حتى لا نسيء لأحد بغير قصد. واصبحنا نفسر الامور ونرجعها في عقولنا ووعينا الى قرارات سياسية وامنية محلية وربما اقليمية ودولية تستدعي عدم وجود قناة حضرمية فضائية حتى وان كانت غير سياسية، لكي لا تذكي نزعة الاستقلال والشعور بالهوية المتميزة عند الحضارمة وكما يتصورها البعض بانه خطر على مصالحه والذي يصّر على جعل حضرموت اما يمنية واما جنوبية، وانطلاقاً من مرض ( حضرموت فوبيا) وهو وهم مرضي يسود هذا البعض. رغم ان حضرموت (الغلبانة) هذه وكما يعرف الجميع ليس لها من راعٍ غير المولى عز وجل، وان شعبها المغلوب على امره لا يستطيع ان يتنفس من خلال قناة فضائية تعبر عنه وتنقل قضاياه وهمومه الى آفاق الدنيا الواسعة في عالم الاعلام الفضائي الرحب. وتركنا امرنا لله عز وجل، مع يقيننا المطلق ان هناك شئ ما لا يمكننا فهمه ولانستطيع استيعابه حال دون تنفيذ هذا المشروع، ومع تأكيدنا القاطع ان القائمين عليه من تجار حضرموت الافاضل كانوا ومازالوا جا دين وصادقين فيما سعوا اليه من إقامة هذا المشروع. ولكن يبدو ان الامور لا تؤخذ بالنوايا الحسنة والمساعي الجادة، ولعل هناك تداخلات امنية وسياسية محلية او اقليمية او دولية تحول دون وجود هذه القناة الحضرمية. ولا نستطيع ان نفهم هذه التداخلات او نستوعبها دون ربطها بما يجري في حضرموت وما حولها. وبتنا نعتقد انه بالامكان للحضارمة ان يمتلكوا القدرة على صناعة القنبلة النووية، ولكنهم لن يمكنّوا من قناة فضائية خاصة بهم وتعبّر عنهم ويراها البعض من مرضى (حضرموت فوبيا) انها اخطر من أي سلاح نووي يمتلكه الحضارمة. رغم ان كل الشعوب ومناطق ومدن وقرى العالم لها قنوات فضائية هنا او هناك، حتى البذاءات والموبقات والانحرافات في الفعل والقول لها قنواتها، وحتى الحشرات والديدان اصبحت لها قنوات تهتم بها وتتناول قضاياها وما يتعلق بها. ورغم كل ما تقدم من مرارة واحساس بالاحباط والضيق فاننا نظل نتمسك برحمة الله عز وجل ومشيئته، وبرجاء ان يحقق المولى تبارك وتعالى لنا ما نصبو اليه في اقامة هذه القناة الفضائية، ولعل هناك خطوات جادة تتخذ يوماً بعد يوم لا نعلم عنها، وانه بالفعل هناك موعداً محدداً للبث التجريبي لقناة حضرموت الفضائية. ونسأل الله عزوجل ان يوفق شيخنا المهندس عبدالله احمد بقشان مع رفاقه من تجار حضرموت بالسعودية في هذا المسعى، وهو المعروف بانه راعي نهضة حضرموت التعليمية الحديثة واحد مهندسي التنمية الجادة والمثمرة فيها، والذي يوصف احياناً بانه (مهاتير حضرموت) لا هتمامه بوجه خاص بتنمية قطاع التعليم والبحث العلمي في حضرموت. وفي الجانب الآخر نجد ان الحوثيين وانصار الله قد استطاعوا انشاء قناة فضائية تخصهم تحت مسمى ( قناة المسيرة )، ووفرت لها الامكانات المادية والبشرية مما يجعلها قناة منافسة وقادرة على ابلاغ صوت الحوثيين وانصار الله الى المجتمع المحلي والاقليمي والدولي، وبكل ما يحتويه ذلك من آراء او معلومات نختلف معهم فيها. وهم في النهاية قد استطاعوا إيصال صوتهم الى ابعد نطاق ممكن لهم. ولا شك ان المال والجهد والرعاية السخية من قبل إيران ومع مؤازرة التجار والنخب والكفاءات الموالية لنهج الحوثيين وانصار الله قد ساعد على ظهور هذه القناة وبشىء من القوة والقدرة على إقتحام عالم الاعلام الفضائي، حتى وان كنا لانتفق مع ما تطرحه هذه القناة من افكار او معلومات او اخبار. وتبقى في الاخير حسرة وألم يعتصر النفس والقلب والعقل ونحن نقارن بين موقفين احدهما داعم وبلا حدود حتى وان كان على ضلال او هوى او مآرب علنية أو خفية للسيطرة والاستحواذ، والآخر متخاذل ومتقاعس رغم ان لديه كثير من القدرات المادية والمعنوية، ولديه من الاشراقات الايجابية والرؤى السليمة والعادلة، وهو الاجدر بان تسمع الدنيا صوته. ونسأل الله جلّت قدرته ومشيئته ان يعجّل في انبلاج نور هذه القناة الفضائية الحضرمية حتى بعد ان نوارى الثرى، وان كنا نأمل وبمشيئة الرحمن ان نراها بابصارنا لتؤنس اليها نفوسنا وقلوبنا وعقولنا وافئدتنا، وتؤجج فينا وفي اجيالنا اللاحقة حب الخير والصلاح ونشر السلام والمحبة في ربوعنا الحضرمية العزيزة وعلى كل بقاع الارض من حولنا بلا استعداء او استعلاء أو سعى في التصادم مع الآخرين، وكما كانت الرسالة الخالدة للحضارمة عبر العصور والازمنة والتي كرمهم بها الله عز وجل بان جعلهم رسل خير ومحبة واستقرار ونماء … انه على كل شئ قدير. المكلا – حي السلام 28 أكتوبر 2014م