هذه المرة التاسعة التي أحاول فيها كتابة هذه الأسطر , وفي أيام سبع .. لم تمهلني الكهرباء أن أكمل هذه المقالة , لقد تحولت الكهرباء إلى سوط للجلد وتكميم الأفواه , ليس الكهرباء فحسب بل أحوالنا – كلها – التي ضاقت , وتوشحت بالسواد والتجهم الذي حل وخيم – ضيفًا ثقيلًا مغتصبًا – على مجتمعنا هز أركانه وزواياه ذلك الانقضاض الآثم على صدور العامة من البسطاء وسرقت أحلامهم وتطلعاتهم ومست قيمهم ومبادئهم وتوقهم للسلام والاستقرار. نقول أيه وإلا أيه .. بعد أن دخلنا – جميعًا في واقع مرير ينذر بكارثة داهمة .. لا يمكن لأحد أن يقفز أو أن يتغافل هذه المأساة التي حلت بنا في كل شؤون حياتنا.. صحيح الناس لا تريد أن يثقل على كواهلهم احباطًا ويأسًا وتخويفًا مما هو ماثل ، وبتخويفهم أن ما هو قائم أو قادم قد يكون أسوأ وكارثيًا .. لكنهم يريدون من يشاركهم همهم وقلقهم ومعاناتهم من شر هذه الأيام السوداء القاتمة , ويخفف عنهم حالة القلق من القادم المنتظر والمستقبل المجهول.. لم يعد للكلام نفعًا بعد أن عجز الطامحون للسلطة والمتنافسون على الغنائم والمفترشون على الموائد من صناعة الأمل في النفوس .. فهذه مدينة المكلا التي دخلت فيها الكهرباء في عام 1934م تعيش ظلامًا دامسًا وانقطاعًا للتيار الكهربائي في كثير من المناطق يصل إلى 20 ساعة شيء – "مش مصدق" – ولا في الخيال .. وعلى الاطلاق لم تشهد هذه المدينة الحالمة أزمة كهذه! . حتى في ظل اشتداد أزمة الكهرباء المعروفة في صيف 93م ولا في السنوات التي تلتها وخاصة بعد أن تلاشت سلطة الدولة وضعفت بعد عام 2011.. كان الحل موجودًا والبدائل متوفرة والإرادة حاضرة .. لقد أصبحنا – اليوم بكل آسف – رهينة لباخرة "المازوت" التي وصلت ولم تصل!, وصوماليون يتفضلون بتزويد أسواقنا ببراميل البترول والديزل , وحياة معطلة , ومؤسسات مغلقة , وأسعار تقض مضاجع عامة الناس , وسوق سوداء لا تطالها يد القانون ,وفي وضع "شقلباني" فوضوي غابت وعجزت فيه السلطة عن الاستجابة لتحقيق أبسط الأشياء وعدم إفساح المجال لها لتسير دفة الأمور , ووجد على السطح متنطعون لا يفقهون في الإدارة شيئًا وليس في أيديهم عصا موسى لتصنع فعلها خيرًا أو منقذًا سواء أنهم متشبثون بأوهام العظمة والبقاء على كراسي مهترئة واقتسام الفتات. نقول : أيه وإلا أيه ..