قرأت مقالة لابن القيادي المعروف قحطان الشعبي أول رئيس لما كان يسمى باليمن الجنوبي ، ورغم أني لست في صدد مناقشة عصر اندثر وارتحل أهلوه لربهم الملك العدل الذي سيعاملهم بما يستحقون . إلا أنني لفت نظري في مقال الابن النجيب أمور أحببت أن أشير لها . كم ملأ قلبي الأسى والأسف من المحتوى الذي ملأ الكاتب به سطور أوراقه ، وقد ظهرجليا حنقه الشديد على دعاة حضرموت المستقلة ، ثم على رجالات حضرموت وأهلها ، مع مافي مقاله من الازدراء لأهل هذا البلد الكريم . والعجيب أنه يطالب أهل حضرموت باسترداد أرضهم وأموالهم المنهوبة من الشماليين ، كأنه نسي أن من سلّم حضرموت وأهلها لصنعاء بدون ثمن ، هو حزبه البائد الذي كان أبوه من قادته ومؤسسيه . أما ما ظهرفي مقاله من تعالٍ على حضرموت وأهلها ، فهو عبث بالكلام مبعثه مرض في القلوب ، وإلا فحضرموت أكبر من أن يلوكها مثله بفمه ، أو أن ينكر فضلها وتاريخها وقيمها ثلة من الأقزام . ثم لينظر هو في حال حزبه البائد المثير للشفقة إبان حكمه لحضرموت ولغيرها من أقاليم الجنوب ، ماذا فعل بها وماذا ترك لها ولأهلها من شر بين تقتيل وتشريد وإضعاف ، ويأتي الآن ليطالب الضحية المنهكة بالثورة ناسيا أن مافعله أسلافه . فليته سكت ! . ورغم ذلك شاء أم أبى سينتصر الحق ويزهق الباطل ، وسيظهر فجر جديد يخلو من عفن الإدارة الشمالية الفاسدة ، ومن صراع الأخوة الأعداء الذين لايردعهم دين ولا قيم . ونذكر الكاتب عددا من المسائل لعله نسيها أوتناساها : - إن أول من أسقط حضرموت بسلطنتيها ( القعيطية والكثيرية ) هم أعضاء الجبهة القومية في حضرموت ، وكلهم مع الأسف من أبناء حضرموت ، ووقف معهم جيش البادية الحضرمي نكاية بالقعيطي ، وهم من سلموا حضرموت لقمة سائغة للحزب في عدن ، بل إن عبدالقادر باكثير عضو الجبهة القومية ذكر في مذكراته أنه قبل أن يحسم الموقف لصالح الجبهة القومية بعدن قدمت اللجنة الشعبية العليا بالمكلا مبلغ مليون شلن إلى القيادة العامة لشراء أسلحة وذخيرة . - لاشك أن المد الناصري قد ساهم كثيرا في تضليل الكثير من الناس ، حول القوميين العرب وما تحمله كلمة القومية من أحلام بالتحرر من الاستعمار ، ودفع هذا الجو لدعم الجبهة المسماة بالقومية ، حتى أن وفدا من الجبهة سافر إلى منطقة ثمود لزيارة القبائل الذين قابلهم أحد الشعراء من العوامر قائلا : حيا ومرحب من دحق في أرضنا لي يرفع الواطي ووطا في الرفاع احنا عروبة والعرب إخواننا من أجل بو خالد نزيد الكيل صاع وابو خالد هو جمال عبد الناصر . وهذه الأجواء المواتية قد تولد أمام أي تيار ناشئ ، فيحقق أحلامه ويؤسس كيانه المنتظر ، ودعاة الاستقلال قد بدأ صوتهم يتعالى وسيسمعون من له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد. كما أننا يجب أن لاننكر الدور الانجليزي المشبوه لاستغلال هذا المد القومي لكي يدفع بالجبهة القومية إلى واجهة الأحداث ، لمواجهة التنظيمات المدعومة من المخابرات المصرية ، وللتنصل من الوعود التي قطعتها على نفسها للقوى السياسية السابقة ، علما أن الجبهة القومية قد تجاوزت الدعم الانجليزي ، وتحولت إلى قوة معادية بسبب التيارات اليسارية المتطرفة داخلها . - إن مطالبة الحضارم بدولة مستقلة هو حق مشروع ، خصوصا بعد أن اتضح أن الشماليين ينظرون إلى حكمهم لحضرموت نظرة محتل يسعى جاهدا لامتصاص خيراتها والعبث بمقدراتها ورغم أنني أشك في وجود أنصار للوحدة داخل أوساط الحضارم ، إلا أنهم إن وجدوا فبسبب ذكرياتهم المريرة من حكم الحزب البائد ، وهو في ذلك كالمستجير من الرمضاء بالنار ، لكن الاستقلاليون الجدد – شاء هذا النُجيب أم أبى – سيقدمون لشعبهم خيارا ثالثا يحمل في ثناياه حكما رشيدا متدينا متمدنا ، ينبثق من تراث الحضارمة وقيمهم . أخيرا …….. شكرا للأخ نجيب لما ساقه من لغة تحدٍ واستعداء قد تولد من نيرانها نفوس طامحة . وإلى الأمام أيها الشعب المتمدن بعيداًعن القتلة واللصوص ، وعاشت حضرموت مستقلة .