المواقف الشجاعة التي لا يتردد أصحابها عنها مهما كان الثمن غالياً ، ومهما كانت مغريات الدنيا ذهباً ، هذه المواقف الصلبة تجعل أصحابها من أصحاب الجودة ، كتلك المصانع التي تنتج لنا منتجاتها الموصوفة بالإتقان والأمانة وجودة التصنيع فيتهافت على شرائها الناس بكثرة ويحبونها بشدة ، ويدفعون من أجلها أغلى الأثمان .. لماذا؟ لأنها تميزت بأمانتها وجودتها ، أما المصانع التي تنتج منتجاتها إلى الأسواق لتطلب من المستهلكين شراءها وهي في الحقيقة لا تتصف بالإخلاص والأمانة والإتقان ، وجودة صناعة المنتج ، يأتي الرد عليها من الناس بالرفض التام ، والامتناع عن شرائها ، أو حتى الاقتراب منها ، لأنها منتجات فاسدة لا تصلح للاستخدام الآدمي ، مهما تفنن المبدعون في إخراجها الفني ، وبذلوا قصارى جهدهم في تلميعها بالإشكال والألوان على علبها الخارجية بهدف سلب عقول الناس والتأثير على عواطفهم بغية الانجرار إليها وشرائها ، بعد تصديقهم لهذه الخدعة ، فالحقيقة لا يستطيع احد إخفاءها مهما فعل ، فان غدرونا بتلك المنتجات الفاسدة باطنياً وداخلياً حتما سينكشف أمر مصانعهم ، وحقيقة منتجاتهم المزيفة على الواقع ، فكم من مصنع عرف بصدق وأمانة منتجاته لفترة زمنية معروفة ، ثم كشف الواقع خداعة وغشه لتلك المنتجات ، وابتعاد الناس عن شرائها ، ومحبتها في قلوبهم ، فكانت النتيجة خسارة المصنع ، وليس خسارة الناس ، وتم الاستغناء عنه وعن أصحابه ، ومن هم في فلكهم كانوا سائرين ، ولذلك فالناس يريدون الأمانة والصدق والإخلاص ، وجودة المنتج ، ومستعدون شراءه بأغلى الأثمان ، وبهذه المواصفات يظل الناس يذكرون أهمية هذا المنتج ، ومدى استفادتهم منه في حياتهم اليومية ، لأنه استحق محبة الناس ، والاحتفاظ به في قلوبهم ، من خلال الابتعاد عن غشهم وخداعهم ، فما هو في الظاهر على معلبات ومنتجات المنتج هو أيضاً في الداخل ، فلم تكذب علينا تلك المصانع وتخدعنا ، لان شعارها الحقيقي الملموس على ارض الواقع هو "الأمانة والإخلاص والجودة" فمن كذب جرّب ، ليكشف حقيقة ذلك الشعار قولاً وفعلاً ، فكم من منتجات خارجها تسلب الأنظار و تسيطر على القلوب ، وداخلها وباطنها تؤدي إلى الآلام والمعاناة المستمرة وأذية الناس وربما تؤدي إلى الموت ، حتى وان كان تاريخ صلاحيتها مطبوعاً عليها خارجيا وما زالت المدة الزمنية للإكس باير لهذا المنتج لم تنته بعد حسب ما رسم عليها وكتب من تاريخ لصلاحيتها ، كل ذلك الخداع ليطمئن الناس على صدق وأمانه جودتها ، فيأتي الواقع ليثبت بما لا يدع مجالا للشك بان ذلك التاريخ لا أساس له من الصحة ، وان ذلك المنتج قد أصبح فعلاً (اكس باير) فلا فائدة منه ومن استخدامه وفيما يتعلق بجنوبنا الحبيب وثورته الشعبية ذات الطابع السلمي ظهر الكثير من الزعماء والقيادات التي ذاع صيتها ، وانتشر خبرها ، وعرفها أبناء الجنوب في الداخل والخارج نتيجة لتلك الأدوار والمواقف الشجاعة والصلبة التي تميزوا بها في سبيل مواصلة النضال الدؤوب لتحقيق هدف التحرير والاستقلال ، واستعادة الوطن الجنوبي المسلوب من قبل المحتل وبالأساليب السلمية ، علما بأن لا هناك شرعية دستورية تعطي لهذه الزعامات والقيادات في الداخل والخارج الانفراد بهذه الزعامة أو القيادة مدى الحياة في ارض جنوبنا الحبيب ، فنحن لازلنا في ثورة شعبية مستمرة سلمياً ، فكل أبناء الجنوب بدون استثناء هم زعماؤها وقادتها وإبطالها ، فكل أبناء الجنوب هم مشاريع فداء وتضحية في سبيل استعادة دولتهم الجنوبية المحتلة ، فلا احد وصياً على أبناء الجنوب مهما قدم من تضحيات ومواقف ، وفي هذه الثورة الشعبية الجنوبية العارمة ذات الطابع السلمي لا يقبل أبناء الجنوب زعماء وقيادات شعارها : (ما أريكم إلا ما أرى) ، وهو ما قاله فرعون لقومه ، حتى ولو كان ما يراه هؤلاء معارضاً وضداً للمصلحة العامة لأبناء الجنوب ، هنا سيكون أمثال هؤلاء الذين يريدون تحويل مسار هدف الجنوب المتمثل في التحرير والاستقلال لأغراض دنيوية ، ولتحقيق مآرب شخصية ، سيكونوا في نظر أبناء الجنوب كتلك المنتجات التي انتهت صلاحيتها فأصبحت اكس باير ، فوجودهم كزعماء وقادة في الثورة الجنوبية السلمية خطر عليها ، فعليهم أن يستوعبوا الدرس جيداً وان يحافظوا على بياض صفحات نضالهم وتضحياتهم ، فنقطة سوداء صغيرة تطمس صفحة بياض ، وقد قالوا : أن معظم النار من مستصغر الشرر ، وسيكون الرد عليهم من قبل أبناء الجنوب إذا استمروا في تحويل قضية الجنوب عن هدفها المنشود خدمة لمصالحهم وتحقيق مآربهم الشخصية ، كما قال الشاعر : كل من غلط مرة عطه عادك أمل *** إلا إذا تكرر عطه الناس باتمله وطالما أننا نعيش في أجواء ثورة شعبية سلمية مساحتها عريضة تتسع لكل الجنوبيين بدون استثناء أو إقصاء أو تخوين لكل أبناء الجنوب في الداخل والخارج ، هذه الثورة الشعبية أرضها الجنوب وسماؤها التحرير والاستقلال واستعادة الدولة من المحتل على كامل أراضيها دون نقصان ، إذن فهذه الأرض ليست عقيمة كما يخيل ذلك لأعداء الجنوب ، بل هي ارض خصبة تستوعب كل أبناء الجنوب في مضمار هذه الثورة ، ومشاركة الجميع في تحقيق الهدف المنشود لأبناء الجنوب المتمثل في استعادة الدولة الجنوبية ونيل استقلالها ، ومن خلال قرآءتي للواقع الجنوبي ولثورته المستمرة نجد بما لا يدع مجالاً للشك بان هناك من أبناء الجنوب أكانوا في الداخل أو الخارج من يسعى إلى تمزيق عرى الوحدة الجنوبية ، وشرخ الصف الجنوبي ، وبأساليب وطرق مختلفة ظاهرها المطالبة بهدف أبناء الجنوب وهو التحرير والاستقلال ، وباطنها تحقيق مآرب شخصية ، من خلال خلق علاقات حميمة مع سلطة الاحتلال ، أو التواصل مع قادة دول مجلس التعاون الخليجي ، أو المجتمع الدولي ، أو حتى بعض الدول العربية المعروفة ، وجعل من أنفسهم زعماء وقادة للجنوب يتحدثون باسمه وهم في الواقع أكثر بعداً عن ارض الواقع الجنوبي وما يعانيه أبناؤه جميعهم من صنوف ألوان العذاب لهذا المحتل ، فأبناء الجنوب على ارض ثورتهم الشعبية السلمية ما زالوا يقدمون الشهداء والمعتقلين والجرحى ، وما برح طمس هويتهم الجنوبية في شتى مناحي الحياة مستمراً إلى اليوم ، فمن هؤلاء الجنوبيين في الداخل من استطاع بموقف من المواقف الشجاعة كالاعتقال في سجون المحتل من أراد أن يجعل من نفسه زعيماً أو قائداً أو حتى رئيسا لمجلس الحراك هنا أو هناك من خلال تلك الشعبية التي اكتسبها ، فآثر وفضل الزعامة أو القيادة والرئاسة الذاتية على حساب مصلحة الجنوب ، وان كان هدفهم التحرير والاستقلال ، فدخل في خلافات مع أمثاله الذين هم أيضاً يطمعون أن يحكموا الجنوب أو إحدى محافظاته وبأسلوب (ما رأيكم إلا ما أرى) ، فعمل أمثال هؤلاء على تمزيق الصف الجنوبي وبأساليب معروفة ، وظل أمثالهم ،متزمتين ومتصلبين في مواقف ذاتية شخصية لضرب القضية الجنوبية بهدف تحقيق إطماعهم الذاتية المتمثلة في الزعامة وفرض ذلك كأمر واقع على الآخرين ، فنجد انقسامات بين هؤلاء في تصرفاتهم كالتباين والاختلاف في الفعاليات بالمناسبات الجنوبية ، كما حدث ويحدث ذلك في مدينة المكلا فهذه مسيرة لسعيد ، وهذه مسيرة لسعدان ، وفي يوم واحد ومكان متقارب ، نتيجة لخلافات وحسابات شخصية تؤدي في استمرارها أخيراً إلى القضاء على هدف التحرير والاستقلال ، وابتعاد الناس عن تلك الفعاليات ، لمثل هؤلاء نقول من قلوبنا إن الجنوب لم يعد ساحة لصراعاتهم الشخصية ، وليس في الجنوب زعيما أو قائداً أو رئيساً مدى الحياة ، فهناك من هم أفضل منكم من تنازل بروحه ودمه وبأشلائه وأجزاء جسمه للجنوب ، لا يريد مالاً ولا منصباً بل يريد جنوباً حراً مستقراً لكل أبنائه ، لمثل هؤلاء نقول ارموا خلافاتكم الشخصية في سلة المهملات الجنوبية وتذكروا أولئك الشهداء والجرحى والمعتقلين الذين لازالوا قابعين في سجون الاحتلال ، وانتم تتمتعون بكامل حريتكم ، فعلى ماذا تختلفون ؟ فان كان خلافكم لتصفية حسابات شخصية ، فالجنوب قد تجاوزها والجنوب ملك لكل أبنائه دون استثناء ، وان كان خلافاتكم طبيعتها زلطية ، فإننا نقول لمصدر ذلك الزلط عليك إغلاق حنفية هذا المد الزلطي ، لنرى بأم أعيننا مدى حب هؤلاء المختلفين للجنوب وتقديم المال من جيوبهم الخاصة لدعم استمرار مسيرة الثورة الجنوبية ، إما إذا كانت خلافاتكم للوصول إلى أهداف سلطوية نقول لكم صراحة أن الجنوب ثورة شعبية سلمية مستمرة ، وعندما تقوم دولته الجنوبية على أسس شرعية وقانونية من خلال تثبيت الحقوق والواجبات الوطنية لجميع أبناء الجنوب ، حينها سيكون صندوق الانتخاب هو الفيصل ، وبإمكانكم إذا أردتم أن تكونوا زعماء أو تتحملوا أية مناصب في دولة الجنوب المستقبلية الدخول إلى صندوق الانتخاب الشرعي ، لأنكم بدون شرعية ، والصندوق الانتخابي هو من يعطي لكل من أراد أن يكون مسؤولاً شرعيته ، وإذا استمر هؤلاء الجنوبيين في خلافاتهم التي ما من شك باستمرارها ستؤدي إلى شرخ الصف واللحمة الجنوبية هنا أو هناك ، إذا استمر هذا الحال ، نقول لكم صراحة الأفضل لكم ولنا أن تستفيدوا من مبدأ التصالح والتسامح ، وان تتنازلوا عن كبريائكم وما تريدون أن تحققوه لأنفسكم من مآرب شخصية على حساب مصلحة أبناء الجنوب ، قبل أن تكونوا (اكس باير) ، وقبل ابتعاد الناس عنكم ، وكذلك الحال في الخارج لأولئك الذين يريدون أن يكونوا زعامات جنوبية دون أن يقدموا دليلاً واحداً على مصداقيتهم على ارض الواقع ، فهم بعيدون كل البعد عن ما نعانيه نحن أبناء الجنوب من قبل هذا المحتل في شتى مناحي حياتنا ، فأبناء الجنوب عامة ما زال جرحهم لم يندمل ، وما زال صراخهم مستمراً ، ففي الوقت نفسه نجد أمثال هؤلاء الذين أطلقوا على أنفسهم زعماء للجنوب مستمرين في صمتهم ، وكأن شيٌ لم يكن ، ثم نراهم اليوم يطلون برؤوسهم التي اختفت في التراب كالنعامة لسنوات طويلة ، ليتحدثوا عن قضية الجنوب ولكن من خلال ما يرونه وما يحقق إطماعهم المستقبلية المتمثلة في التسلط من جديد على أبناء الجنوب ، مستغلين علاقاتهم بالداخل والخارج بهدف إعادة الجنوب إلى باب اليمن ، ووحدة تم قتلها عملياً في 1994م ، فهل ستعود روح المقتول ثانية ؟! وهل من مات عاد ؟! والخلاصة أن شعب الجنوب قد حدد سقفه السماء المتمثل في التحرير والاستقلال ولا غير ذلك مهما كانت الأسباب والذرائع ، وقالها صراحة في المسيرات الشعبية وبصوت جنوبي واحد: ((لا تفاوض .. لا حوار .. نحن أصحاب القرار)) فلا زعامات ولا قيادات جنوبية ولا العالم برمته قادر على تحويل مسار حركة شعب الجنوب في التحرير والاستقلال مهما طال الزمن فما بني على باطل فهو باطل ، ودوام الحال من المحال . وأقول لهم : العين مهما بكت لا بد ما ترتاح *** والذي احتل الجنوب لا بد له من يوم وينزاح ومهما طال الحزن لابد بعده تأتي الأفراح *** فالجنوب عائد عائد مهما استمر النباح