الإنسان بطبيعته ميال إلى الحرية والتحرر وينبذ القيود المفروضة عليه.. فتراه منذ أن خلق الله تعالى الإنسان على الأرض وهو يسعى نحو التحرر والانتعاق من العبودية المفروضة عليه سواء أكانت هذه العبودية عبودية رق أو وصاية أو استعمار .. ويبذل في سيبل ذلك الغالي والنفيس للحصول على الحرية .. وفي عصرنا هذا يسعى شعب حضرموت والجنوب لتحرير أرضه.. فترى الفعاليات المختلفة من العصيان المدني والمظاهرات والوقفات الاحتجاجية في كل مناسبة وغير مناسبة منذ عام 1997م بداية بمدينة المكلا .. طوال تلكم الفترة حتى سمع العالم بمعاناتنا واحتلالنا.. دعونا نقف وقفة تأمل عند العصيان المدني الذي زاد خلال الفترة الأخيرة وأصبح شبة رسمي في كثير من المناسبات حيث يبدأ العصيان من الساعة السادسة إلى الثانية عشر ظهراً في أغلب الأحوال فتغلق المحال وتعطل الأعمال ويتوقف الناس عن العمل نهار ذلك اليوم.. إلا عمل واحد لا يتم توقيفه ومحل واحد لا يتم إغلاقه لأن عمله في الأغلب يبدأ بعد انتهاء العصيان!! ذلكم العمل هو مضغ القات والمحل هو سوق القات وفي الأخير كما يقول المثل (كأنك يا بو زيد ما غزيت) عطلت أعمال مهمة وأقفلت محال والناس في أمس الحاجة لها وفتحت سوق القات التي منها البلاء والشقاء لنا.. وكأن القائمون على أمر العصيان يجهلون ذلك الأمر .. فكان حري بهم تمديد العصيان على سوق القات حتى وقت متأخر من الليل. هنا تكمن المعضلة أننا نطالب بفك الارتباط والاستقلال والتحرر ونحن وللأسف الشديد والمخزي مازلنا لم نفك ارتباطنا ولم نستقل ولم نتحرر من أساليب ووسائل وملحقات وأدوات وكل ما يتصل بالمستعمر من عادات وسلوكيات وممارسات سيئة وغواغية وعشوائية وارتجالية ظللنا عبيداً لها منذ أن وطأت قدماه أرضنا الطاهرة.. ستظل وسوف تظل مظاهراتنا وعصياننا وكل فعالياتنا دون فائدة ما دمنا على هكذا الحال وتمر الأعوام وتتحر الشعوب ونحن في ذلك الفلك ندور وندور إلى أن يشاء الله .. فلنحرر أنفسنا قبل أن نحرر أرضنا.. فتحرير النفس قبل تحرير الأرض فقد قال تعالى (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وإذا أراد الله بقوم سوءاً فلا مرد له وما لهم من دونه من وال) سورة الرعد آية (11)..