حديثاً .. يُحكى أن الزعيم عبدالناصر من اعتزازه بعربيته وقوميته كان لا يتحدث مع أي زائر أجنبي لمصر وكذا عند سفره من مصر لدولة أجنبية إلا في وجود مترجم رغم إجادته الإنجليزية , لكنَّ اعتزازه باللغة العربية يأبى عليه الحديث بغيرها !! وحديثاً أيضاً .. يُحكى أن الرئيس الإيراني الأسبق محمد خاتمي يجيد اللغة العربية بل إنه مدرسها في جامعة طهران لكنَّ اعتزازه باللغة الفارسية جعله لا يتحدث مع الزعماء العرب عند زيارته الدول العربية أو استقباله زعماء أو مسئولين عرب إلا بوجود مترجم !! عظيم هو المفتخر بأصالته , والأعظم منه ذلك الذي لا يتأثر بأنماط الحياة الغربية حتى وإن عاش في عُقر دارها , يظل أصيلاً مفتخراً بأصالته الخالدة غير متأثر بصخب الحياة وتطورها ولا بزملاء الدراسة ولا رفاق العمل , والأعظم من الإثنين معاً ذاك الذي يفخر بعروبته وعربيته أينما حلَّ ونزل , فما أعظم من اللغة العربية وهي لغة القرآن الكريم ؟ بالتأكيد .. أنا لا أُحارب اللغة الإنجليزية أو اللغات الأخرى أو لا أدعو إلى تعلمها فالأثر ( من تعلم لغة قوم أمن مكرهم ) لديَّ ذو دلالة أكيدة في اعتمادها , ولكن ليس على حساب اللغة العربية الأم التي تتعرض للهدم بمعاول أبنائها , وفي حال التعلم لا بأس بذلك . صحيح أن هناك ضعفاً ورِكَّة في التعامل مع العربية كما يعتبرها الكثير من طلاب المدارس والجامعات المادة الأصعب بين مواد الدراسة رغم سهولتها , ولكننا بالمقابل لا نريد تدميرها حتى بأبسط الأشياء : المسميات والكتابة . للتأمل البسيط : · الدكتور العربي يكتب روشتة العلاج بالإنجليزي وإن كان العلاج عربي اللغة والمنشأ !! · بعض الطلاب والموظفين يضع توقيعه بالإنجليزي واسمه بالإنجليزي ويكتب أرقام التليفونات بالإنجليزي !! · والبعض – كمثال بسيط - يرد بالإنجليزي حين يُسأل فيقول : yes أو no بدلاً من نعم ولا وعليها فَقِسْ !! · مراكز ومعاهد تعليم الإنجليزي تفوق بأضعاف مضاعفة معاهد ومراكز العربية !! أستغرب كثيراً – كما غيري طبعاً – من الأصدقاء الذين أسماؤهم باللغة الإنجليزية ويأتينا التساؤل المشروع : أعَرَبٌ هؤلاء أم عجم ؟ أفي بلاد عُقْرِ دار العربية أم في أوروبا الغربية ؟ الحقيقة التي لا مناص عنها أن اللغة العربية تعاني التغريب في عُقر دارها , تغريب قبيح قد يكون بقصد وقد يكون بسذاجة , فهل من معترف بالتقصير لنبدأ مسيرة إعادة الإعتبار للغة القرآن ؟