يحدثنا الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن قاعدة أساسية من قواعد الحرب والصراع، بقوله ” أحبب حبيبك هونا ما عسى أن يكون بغيضك يوما ما، وابغض بغيضك هونا ما عسى أن يكون صديقك يوما ما” فحيثما وجدت المصالح وجدت الصراعات، والمصلحة اليوم قد تنعكس صراعا في الغد، والصراع قد يؤسس لتحالف في المستقبل. أحداث كثيرة عشناها ولازلنا نعيشها تحدثنا أن لا شيء يبقى كما هو، وأن تحالفات كثيرة تفكك وتحولت إلى صراع، وصراعات أكثر تحولت إلى تحالفات، في الثمانينيات كانت أمريكا حليفا للعراق في حربه مع إيران، وجاءت سنوات وحملت معها حربا ظالمة واحتلالا قاسيا للعراق، ونفس الكلام في أفغانستان؛ وقريب منا مالمسناه جميعا كيمنيين في سنوات العقد الأخير من تحالفات وصراع وتحالفات وصراع مرة اخرى ومرات بين الاحزاب والجماعات السياسية، ولاشك أن الأيام القادمة ستشهد حالات مشابهه متوقعة وغير متوقعة، لوكل تحالف وصراع أسبابه ودواعيه، لكن ما يجمعها هو إمكانية الصراع مع التحالف والعكس. والمهم في الموضوع أن كل تلك الصراعات كانت بعضها باسم الديموقراطية ضد الدكتاتورية، وأخرى باسم السلام ضد الإرهاب ، وثالثة ورابعة و.. باسم الحرية والنهضة الاقتصادية والرخاء، واستخدم فيها الدين والقيم، ووظفت ثقافة العيب والقبيلة .. والشعب يلهث جريا وراء كل تلك الشعارات الجوفاء، وتنقسم معها الأحزاب والقبائل والعلماء والمثقفون… والأهم مما ذكر سابقا، أن يعرف اليمنيون جميعا: أن الأحزاب والمنظمات والمحاضن الفكرية والفقهية، ووسائل الإعلام، والشركات، ودور العبادة، والعادات والتقاليد، وكل مكونات المجتمع .. وسائل لابد أن تجتمع حين تفهم أن الصراع ليس لصالح أحد، وحين تعترف أن المظلة الإسلامية والوطنية تحتوينا جميعا، وأن الاعتبارات الوطنية ( كإطار عام للالتفاف حوله) فوق كل اعتبار، صمام أمان للجميع. هذا بالنسبة للخلافات بين أبناء الوطن الواحد، أما حين تعتدي علينا دولة أخرى، فالعلاقة بيننا وبين أي دولة هي علاقة الدفاع عن قيم وهوية ومصالح الشعب، والتحالف معهم على أساس المصلحة الوطنية، ويرتبط ذلك بمدى الشعور بالانتماء الوطني، بحيث يصبح انتقاد الدفاع المسلح عن الوطن، والتخذيل عن الجهاد خذلانا وخيانة، ومعيار الحكم بالخيانة في هذه الحالة ليس معيارا وطنيا فحسب، ولكنه معيارا في كل التشريعات السماوية والقوانين والأعراف الدولية.