كان كاكا بمثابة الحاضر الغائب في المباريات الأربع التي خاضها منتخب البرازيل في نهائيات مونديال جنوب أفريقيا 2010 حتى الآن، ورغم أنه كان صاحب ثلاث تمريرات حاسمة فهو لم يقدم المستوى المتوقع منه كقائد فعلي على أرض الملعب. قرر مدرب المنتخب البرازيلي كارلوس دونغا أن يستبعد رونالدينيو عن التشكيلة التي تخوض نهائيات العرس الكروي لأن نجم برشلونة الإسباني السابق لم يقدم المستوى المطلوب مع فريقه الحالي ميلان الايطالي، لكن المفارقة انه راهن على كاكا رغم أن الأخير كان "أسوأ" من رونالدينيو خلال الموسم المنصرم مع ريال مدريد الاسباني الذي انفق 65 مليون يورو لضمه من ميلان أيضا.
هل أثرت الإصابة على كاكا؟ لكن مستوى كاكا تأثر كثيرا بالإصابات التي لاحقته وهو كان مهددا حتى بالغياب عن النهائيات وكان في سباق مع الزمن ليكون متواجدا مع "سيلسياو" في حملته نحو لقب سادس في قارة مختلفة هذه المرة. إلا أن ما قدمه أفضل لاعب في العالم لعام 2007 حتى الآن لم يكن على مستوى الطموحات والتوقعات لأنه قدم أداء متواضعا للغاية أمام كوريا الشمالية (2-1) ثم طرد في الدقائق الأخيرة أمام ساحل العاج (3-1)، فغاب عن لقاء البرتغال قبل أن يعود مجددا إلى مواجهة الدور الثاني أمام تشيلي (3-صفر) حيث تلقى بطاقة صفراء هي الثالثة له في البطولة (اثنتان أمام ساحل العاج) ليصبح مهددا بالغياب عن الدور نصف النهائي في حال حصوله على إنذار الجمعة أمام هولندا في ربع النهائي. بدا كاكا عصبيا كثيرا في المباريات التي خاضها وهو تذمر أيضا من الحكام الذين "يستهدفونني" عوضا عن رفع البطاقات في وجه اللاعبين الذين يقومون باستفزازه والاعتداء عليه، لكن جميع هذه المعطيات أصبحت في الماضي لأن "سيليساو" تأهل إلى ربع النهائي للمرة الخامسة على التوالي دون أن يحتاج كثيرا إلى خدمات كاكا.
هولندا خصم من نوع آخر إلا أن الوضع أصبح مختلفا تماما الآن لأن الخصم هو المنتخب الهولندي ولأن الخصوم السابقين لم يشكلوا التحدي الأكبر بالنسبة لأبطال العالم خمس مرات، ليطرح السؤال الأهم: هل يستفيق كاكا من سباته في هذه المرحلة الحاسمة؟ سيكون كاكا مطالبا بأن يقدم جهدا مضاعفا أمام المنتخب البرتقالي، وسيكون صانع ألعاب ريال مدريد الذي اختير أفضل لاعب في كأس القارات العام الماضي على الأراضي الجنوب افريقية، تحت المجهر أكثر من أي وقت مضى لمعرفة إذا كان من معدن النجوم الذين يستفيقون عندما يكون منتخب بلادهم بأمس الحاجة إليهم. كما كانت حال سلفه صانع الألعاب في ريال مدريد الفرنسي زين الدين زيدان الذي لم يقدم شيئا يذكر في مونديال بلاده عام 1998 قبل أن يضرب بقوة في النهائي حيث سجل هدفين في مرمى البرازيل بالذات (صفر-3) ليقود "الديوك" إلى لقبهم العالمي الأول والوحيد. أنا جاهز ... ولكن! "أنا جاهز لأن أكون أحد قادة المنتخب على الرغم من أنه في صفوفه كثير من القادة الذي يتمتعون بتقنيات عالية وتكتيك رفيع. أنا مستعد لتحمل هذه المسؤولية". هذا ما قاله كاكا عشية انطلاق النهائيات الأولى على الأراضي الأفريقية، مضيفا "تحملت دائما مسؤوليات كبيرة في حياتي وخلال مسيرتي الكروية، فهذا الأمر لا يشكل مشكلة بالنسبة إلي"، لكنه لم يرتق حتى الآن إلى مستوى القائد ويجب الاعتراف بأن مستواه تأثر كثيرا بالإصابات التي واجهته وعكرت موسمه الأول مع ريال مدريد. يبحث كاكا عن المجد المونديالي من بين أنقاض موسم مخيب مع ريال مدريد، وكان صانع الألعاب البرازيلي يقدم عروضا رائعة مع منتخب بلاده وميلان، وانتظر منه جمهور ريال مدريد الكثير، خصوصا أن مدرجات استاد "سانتياغو برنابيو" التي تتسع لنحو ثمانين ألف متفرج كانت شبه ممتلئة عند تقديمه إلى الجمهور ورجال الإعلام، لكنه تعرض إلى إصابة في حالبيه أبعدته فترة عن الملاعب، ثم تكررت الإصابة فوجد نفسه جليس مقاعد الاحتياطيين. واعترف النجم البرازيلي بذلك قائلا "لست سعيدا بمستواي، لكن الأمر بدني فقط لأنني عانيت كثيرا منذ تعرضت للإصابة". لكن لمسات كاكا كانت حاضرة كلما دخل الملعب، وخير مثال تسجيله هدفا حاسما ضد سرقسطة في الدوري الاسباني بعد غياب ستة أسابيع بسبب إصابة في الفخذ، ما جعل فريقه يبقي الضغط على برشلونة في صدارة الترتيب. لكن ريال مدريد وكاكا معا خرجا من الموسم من دون ألقاب، بعد أن كان فريق العاصمة الاسبانية ودع دوري أبطال أوروبا التي يحمل الرقم القياسي بالفوز بها بتسعة ألقاب أمام ليون الفرنسي. لم يكن كاكا في أحسن أيامه في حينها إذ تعرض إلى انتقادات لاذعة من الجمهور الاسباني بعد الخيبة الأوروبية، وسمع طويلا صيحات الاستهجان على أدائه، لكنه اعتبر الأمر عاديا بقوله "حصل معي هذا في ساو باولو وميلان، وهو يحصل مع جميع اللاعبين، الجماهير تكون عاطفية جدا". واعتقد النجم البرازيلي أنه سينسى الانتقادات عندما يحل في جنوب أفريقيا لكن وسائل الإعلام البرازيلية لم ترحمه خصوصا بعد المباراة الأولى أمام كوريا الشمالية حيث عانى البرازيليون الأمرين لتحقيق الفوز، وكان كاكا شبح النجم الذي يعرفه الجميع. وعد كاكا بأداء أفضل في الموسم المقبل مع ريال مدريد وهو أراد تحويل اهتمامه بسرعة إلى منتخب بلاده الذي سجل له 27 هدفا في 81 مباراة دولية خاضها حتى الآن، وأبرز انجازاته معه كانت قيادته إلى لقب كأس القارات العام الماضي. كاكا أمام التحدي كاكا أمام تحدي إظهار قدراته الحقيقية انطلاقا من موقعة الجمعة لأنه في حال خروج البرازيل خاسرة من هذه الموقعة سيتحمل مع دونغا عبء الإخفاق لأن اللاعبين الآخرين قدموا ما يشفع لهم في المباريات الأربع الأولى. يشارك ريكاردو ايزكسون دوس سانتوس ليتي المعروف "كاكا" في المونديال للمرة الثالثة (شارك دقائق قليلة في مونديال 2002 ضد كوستاريكا عندما أحرزت البرازيل اللقب)، لكنه فشل في المرة السابقة في ألمانيا 2006 في قيادة منتخب البرازيل إلى أكثر من ربع النهائي بعد الخسارة أمام فرنسا، وهو لا يريد أن يتكرر المشهد في جنوب أفريقيا التي تشكل فأل خير عليه و"سيليساو" بعد الفوز بكأس القارات التي برز فيها نجم ريال مدريد خصوصا في المباراة النهائية ضد الولاياتالمتحدة (3-2). ولكي يتجنب إخفاق 2006 والموسم المخيب الذي أمضاه مع النادي الملكي عليه أن يلعب دور القائد القادر على حمل "اوريفيردي" الى لقبه السادس انطلاقا من مواجهة منتخب "الطواحين"، وإلا ستكون بداية النهاية لهذا النجم الكبير، فليسأل رونالدينيو عما حل به!