قال حكيم ابن نبهان:لما ضاقت بي الحال ولم اجد المال ازمعت على الترحال فقطعت الفيافي والقتار وواجهت الاخطار فعملت في الليل والنهار متمثلا قول الشاعر واذا المرء ضاق بالعيش ذرعا ركب الموت في سبيل الحياة وساعدتني الأقدار فجمعت راس مال للاستثمار فجاشت في نفسي الأفكار حتى استقر بي الأمر على ان اعود فاستثمر في بلدي فينتفع وطني وولدي، فاشتريت ارضا بدلاً من الايجار وبدأت في بناء الأسوار فاذا انا بعصابة تعمل بحكم الغابة وكانها بلا رقابة مدججين بالسلاح يفاوضونني بانقسام الأرباح، فظننت جدِّهم مزاح، فقلت لهم "الصباح رباح" فإذا بهم يتصرفون كالأشباح وإذا بي اسمع "قاح قاح" فارتجف فؤادي وتركت عنادي، ولم اصدق ان هذه بلادي، وناديت ايها السفاح هلم نتفاوض، فأجابني اما ان تقبل العرض او تتخلى عن الارض؟ فقلت له وما هو العرض؟ فقال منك رأس المال ونحن نحميك بالرجال، والربح نقتسمه الريال بالريال، فاظهرت الموافقة وطلبت تأجيل الموضوع حتى اقوم بتجهيز المشروع وذلك خلال اسبوع وذهبت الى لاقاضي ليسل سيف العدالة وينزل بتلك العصابة عقوبة لا محالة، فيذوقون عاقبة النذالة، فلما وصلت الى المحكمة ضننت اني أخطأت المكان، فهذا مثقل بالاحزان، وذاك يغني كانه فنان، وهذا يلطم الخدود وذاك يلعن الشهود وآخر للنوم مشدود ، واثنان في ايديهما القيود فقلت ربما هذه مصحة للمجانين،وحين هممت بالانصراف وجدت صديق كنت اعرفه فقال اهلا بك ما الذي اتى بك؟ هل انت مجنون ام جئت تلتمس القانون ام زاغت عنك العيون؟ فان قد صادتك الشباك فقد وقعت في أسلاك، فتأكد في نفسي انني في مصحة المجانين ولست فس محكمة . فقلت الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاء به كثير من الخلق فلما رآني أتمتم واهرب لحقني بدافع الحب بعدما افزعني كأني في غياهب الجب فاستوقفني وقال لي انت هنا في المحكمة ولكنها هي المشأمة لا ترجع حقاً، ولا تسد خرقاً.. كم من مال مسلوب وحق منهوب ورشاوى تدخل الجيوب، فلتقص عليّ امرك حتى أخبرك بما ينفعك او يضرك؟ وليس من مرأى كمن سمع، فلما اخبرته الخبر قال ارجع فلست في عهد عمر، فهنا ستقع في الخطر ولن تجني سواء الضجر والسهر ويضيع مالك هدر، ولكن ارجع الى الحيلة فهي خير وسيلة، وأوهمهم انك تريد ارضا اوسع حتى تبيع الأرض التي اشتريت وتعود من حيث اتيت، فإذا صلح القضاء رجعت لتستثمر. وبعدما سمعته عزمت على ان افعل ما قال لي بلا خلاف فقد يئست من الإنصاف وكتبت شعرا الى القاض وهو مما قيل في الماضي: صدرت اليك شكيت لم يشكها قبلي احد صدرت الى راس القضاء فالدمع من عيني نفد والقلب في حرق وقد عزاء اصطباري والجلد من عصبة تاهوا اذاقوا العالمين من الكمد طاشوا وفاشوا في البلاد الثعل منهم كالأسد لكنما الفرج القريب أتا فقد طال الأمد فالظن بالمولى الكريم الواحد الفرد الصمد ان ينتقم لي عاجلاً منهم ويصلح ما فسد فهو المعد لما بنى قد جل وهو المعتمد ثم الصلاة على النبي ما قام شخص او سجد