لم يفت محمد عوض .. وهو يفترش رصيف الشارع منذ سنوات بعد اصابته بعاهة الجنون والاختلال العقلي ان يتحدث عن مستجدات الشارع في اليمن بعد ان كان يستمتع بخلوه في الساعات المتأخرة من الليل من السيارات والمارة ويفترش لحافة في زاوية منه دون مضايقات ، ليتفاجأ بان اناسا آخرين قد سلبوه متعة الخلوة وجعلوه في حالة من الحذر الدائم والهلع واضطروه إلى التنقل والبحث عن مكان دون فوضى .. محمد عوض قال لي بعد ان كسبت وده بسيجارة واشعلتها له ، متفوها بكلمات لا تخلو من السب والشتم لمجنون معذور مثله.. للمتظاهرين والمعتصمين من الجانبين، ان هؤلا ما عندهم عمل وانهم ما عندهم بيوت ولا نساء "تضبطهم" .. وكلمات أخرى مضحكة .. عوض اضاف قائلا موجها كلامه لهم .. يرجعوا بيوتهم .. ولو هم رجال فعلا .. يتظاهروا يوم الانتخابات ويختاروا اللي يريدوه. لكنه لم يمهلني في طرح المزيد من الاسئلة .. جاريا وهو ينفث دخان سيجارته وهو يردد .. اهرب لك .. وصلوا وصلوا ! اقول .. حينما تضيع الحكمة في عقول جهابذة السياسة والمجتمع .. اليس من الاحرى واللائق بهم ان يلتقطوها من افواه المجانين؟!. الم يطرح المجنون في كلمتين حلا ناجعا لو التف الجميع حوله لخرجوا بالبلاد من شطحات ومطامع ومجازفات يعلم الله كيف ستكون نتائجها. اليس بأيدينا أن نغير دون ان نصرخ أو نهتف بشعارات مسيئة وبذيئة وبدون ان نلتحم ونتعارك ونقتل ونخرب ونمارس حماقات لا تعبر عن قيمنا واخلاقياتنا كيمنيين؟! لماذا نحاول الاثبات للعالم باننا نعيش مرحلة التأثير المنوم للموجة الحاصلة في الوطن العربي.. وباننا لا نملك قرارنا الا تحت تأثيرات وافعال مستوردة؟! ثم لي ان اتسائل.. اذا كانت المعارضة اليمنية تزعم أنها قد كسبت الشعب اليمني وجعلته يلتف حولها فعلا .. فهل لها ان تراهن على ذلك من خلال كسبها لثقتهم في البرلمان وانتخابات المجالس؟ اسأل اخواني اليمنيين المحبين للوطن .. هل اسقاط النظام بطريقة الفوضى والقتل والقتل الاخر أسهل من اسقاط النظام من خلال الاقتراع ؟ قد يقول البعض ان هناك تأثيرات و ترغيب وترهيب و تزوير وما إلى ذلك .. لكني اعود واطرح سؤالا .. اذا كنا لا نملك القدرة على التعبير برأينا بحرية ونستجيب فعلا للترغيب والترهيب .. فهل نحن أهلاً للتغيير ؟! هل نحن اهلا للتغيير أذا لم نصون ارائنا و اصواتنا من منغصات الترهيب والتزوير؟ اين تكمن المشكلة ؟!.. في تونس قمع النظام السابق الحريات بكل ما تعنيه الكلمة فأنفجر الشعب التونسي غاضبا تحت قوة الضغط ليبحث عن نفسه. وفي مصر اصاب النظام السابق أحزاب المعارضة المصرية بحالة من الاختناق ، حينما قوضها و منع عنها بكل ما اوتي من قوة الوصول إلى صندوق الانتخابات.. فخرج الشعب المصري ليضع حدا لذلك متسلحا بايمان وقناعة شبابه واحزاب المعارضة بحق الشعب في حياة افضل. ماذا عن احزابنا المعارضة .. هل هي أهلا للتغيير .. وهل نجحت في كسب ثقتنا كشعوب تواقة إليه؟ دعوة للبحث في مخزن الذاكرة عن مواقفها الوطنية .. لا الشخصية. باختصار يا سادة .. نحن فعلا نحتاج التغيير .. لكن ليس على شاكلة .. يا هارب من الموت يا ملاقيه.. التغيير قبل ان يكون هرجله ومرجله وتجمعات لشباب ومثقفين وقبائل ومهمشين وبينهم الكثير من البلاطجة .. يجب ان يكون تنوير .. وتوعية و اجتثاث لكل المفاهيم المقيتة في المجتمع .. التغيير يجب ان يأتي بالافضل ليكون ثورة .. لا ينقلنا من الظلام إلى العتمة .. فاحزاب مثل تلك .. واشخاص مثل اولئك لن يصنعون بكل تأكيد مدينة افلاطون .. تأثرت كثيرا بما تفوه به المجنون .. نعم نريد التغيير .. ويجب ان نعمل لاجله ..من خلال تصحيح نوايانا وانفسنا اولا .. من خلال شجاعتنا في اتخاذ قرارا لا يتعدى حسن الاختيار لمن يمثلنا من خلال الصندوق والدفاع عن اي محاولات لتزوير قرارنا وعدم الالتفات لاي مخاوف أو إغراءات .. اذا كنا فعلا نريد التغيير لذاته ولايجابياته .. اما اذا كانت القاعدة تصفية حسابات او خلط اوراق او تنفيذ اجندة او الانتصار لأشخاص أو جهات او ارضاء لرغبات مريضة .. فاننا لن نتحرك خطوة الى الامام ، بل سنهرول كثيرا الى الوراء .