لا خلاف على ان الفساد المالي والإداري ضرب مفاصل الحكومة والنظام، وذلك هو حال معظم أنظمة الحكم في العالم غير ان الفساد يختلف من حيث النوع والمضمون والشكل والجوهر من نظام إلى آخر. والفساد الذي ينخر خيرات ومقدرات بلادنا فساد جوهري قائم على التحدي وقوة النفوذ المستمدة من نهج القبيلة حتى أصبح الفاسد رمز وقدوة ومفخرة يقتدي به الجميع وتضرب عليه أمثال الشطارة والرجولة.. لكن ذلك لا يعني ان نتنازل عن هويتنا وتاريخنا وأمجاد ماضينا وحاضرنا ومستقبلنا ونبيع وطننا برخص التراب لأعدائه من خلال أعمال التخريب والتمرد والخروج عن الأنظمة والقوانين بل والخروج عن القيم والمبادئ والأخلاق التي كان اليمنيون هم أول من تقلد وشاحها وحازوا أوسمتها المطرزة بصفاء و سماحة الدين الإسلامي الحنيف.. وحتى لا يصدق الخارجون عن النظام والقانون والعملاء المأجورين والعابثين أنفسهم الدنيئة وقلوبهم المريضة وعقولهم الموبوءة، فإن الثورة والوحدة المباركة قدر ومصير أبناء اليمن الواحد من أقصاه إلى أقصاه ومن شماله إلى جنوبه ومن شرقه إلى غربه، ولا يمكن التفريط بهما أو التنازل عنها مهما كلفنا الأمر من التضحيات ومهما بلغت أخطاء النظام الحاكم ومهما حاول العملاء والخونة بأفكارهم الشيطانية وحقدهم الدفين ان يعيدوا عجلة التاريخ إلى الوراء بأعذارهم ومبرراتهم الهزيلة ودعواتهم الكاذبة – فليخسأ الخاسئون ولتسقط أقنعة الزيف والخداع والكذب ليبقى الوطن اليمني واحداً موحداً شامخاً شموخ الثورة والوحدة راسخاً رسوخ نقم وردفان وشمسان، لطالما جاءت الثورة قبل نصف قرن بالعدل والمساواة والقضاء على الفقر والجهل والمرض، وجاءت الوحدة اليمنية المباركة قبل عقدين من الزمن لتطوي صفحات الماضي وصراعاته ومعاناته، وتبشر بإشراقة عصر جديد من البناء والتنمية والحرية والديمقراطية وفتحت الباب واسعاً أمام كافة أبناء الوطن الواحد بمختلف أطيافهم وتوجهاتهم السياسية ومشاربهم الفكرية والثقافية للمشاركة الفاعلة في البناء والتنمية واتخاذ القرارات المصيرية، وهو ما ينبغي على كافة أبناء الوطن وشرائحه الاجتماعية والسياسية الالتزام به والعمل على تحقيقه من خلال تطبيق النهج الديمقراطي والجلوس إلى طاولات الحوار وممارسة الحقوق الدستورية التي من بينها النقد البناء وحرية الرأي والرأي الآخر بعيداً عن إثارة الفتن والنعرات ونشر ثقافة الحقد والكراهية التي لا تخلف إلا الدمار والمصائب والويلات، وبالتالي نقضي على الفساد والاختلالات ومقوماتهما وتجنب الوطن وأبناءه الدسائس والمؤامرات ونغلق في وجه الخونة والعملاء أبواب الأكاذيب والمزايدات، ولا يتحقق ذلك إلا بتحكيم العقل والمنطق وتغليب مصلحة الوطن على كافة المصالح والأطماع الشخصية والسياسية والفكرية باعتبار ان الوطن ملك الجميع وليس ملكاً لحزب معين أو جماعة أو قبيلة أو شيخ أو شخصية سياسية وان الحفاظ على خيراته ومقدراته ومنجزاته يعني الحفاظ على هوية أبناءه وثقافتهم الحضارية والتاريخية، فلتتكاتف جهود الشرفاء والمخلصين من أبناء هذا الوطن المعطاء وترص الصفوف لمواجهة الحاقدين وأعداء الوطن تحت شعار: "قسماً لن ينال منك دخيلاً.. أو يبيع المكاسب العملاءُ".