لأن سيارته " الأجرة" هي مصدره الوحيد لطلب الرزق والحصول على لقمة العيش وتلبية قائمة المطالب المنهكة لعائلته فقد قرر " محمد علي وهو مواطن يمني يبلغ من العمر خمسون عاما "..ان يحصل على مادة الوقود مهما كانت المتاعب ومن المحطات التي تقوم ببيع الوقود بالسعر الرسمي ، ليرحل هو وسيارته إلى محطة وقود في وسط العاصمة اليمنية صنعاء و يركنها نهاية طابور طويل وممتد لعدة كيلومترات من السيارات المنتظرة للحصول على الوقود. ولأنه يعرف ان الوصول إلى الوقود اضحى في صنعاء واليمن كافة في ظل الأزمة الحالية اصعب من الحصول على لبن العصفور فقد قرر ان يأخذ كل ما في جعبته من "فلوس" باقية ليشتري بها كلها وقودا ويملأ سيارته علها تمنع عنه اياما عناء البحث والوقوف في طوابير الانتظار. عشرة آلاف ريال يمني اي ما يعادل 40 دولاراً كانت كل " حيلته" أخذها وأخذ مكانة في قائمة الطابور الطويل والمتعرج مثل سور الصين العظيم. مضى اليوم الأول والثاني والثالث وهو لا يزال في الطابور الطويل ! .. قد لا تصدق تلك التفاصيل .. لكن في اليمن الآن اضحى كل شي لا يدعو للاستغراب والتعجب .. ، ولأن المحطة بعيدة نسبيا عن منزله فقد أنفق فلوسه المخصصة للوقود في الحصول على الأكل والشرب الذي كان يضطر لشراءه من البقالة المجاورة للمحطة. وحين وصل دوره أخيرا .. سأله موظف المحطة .. بكم تشتي نعبي سيارتك .. قبل ان يجيبه أخرج كل ما في جيبه من بقية " الفكة" ليجد ان الباقي لديه 800 ريال .. اي ما يعادل ثلاثة دولارات من العشرة الألف الريال المخصصة للوقود. الطريف ان الأيام الثلاثة التي قضاها في الطابور قد خلقت نوع من التعايش والمعرفه بينه وبين موظفي المحطة .. وحينما قال للموظف باقي معي 800 ريال .. استغرب الموظف من الموقف متسائلا : كل هذه الايام في الانتظار لاجل بضعة لترات من الوقود؟ .. استغراب الموظف تحول إلى مرارة حين روى له سائق التاكسي تفاصيل الحكاية .. فما كان من مسئول المحطة الا ان بادر ومنحه عشرة لترات أخرى من الوقود تقديرا للموقف وعملا للمعروف ولو رده بعد حين .. بقية ما تبقى من خير في الضمائر بعد ان ماتت الضمائر اليمنية في زمن الأزمة التي تعيشها البلاد.. هكذا رويت القصة لحشد نت من " محمد علي" نفسه .. وما خفي كان أعظم.