احدهم من الشباب المطالبين بالتغيير للخلاص من طغيان وجور الفساد . الثاني من المحايدين الصامتين الذين يحمدون الله كثيرا حين يمضغون القات وحين يعلمون من الفضائية اليمنية ان اليمن قد احتلت المرتبة الاولى عالميا في مجال الصناعة والتكنولوجيا !. الثالث من المؤيدين للحاكم (بتعصب) الى درجة انه يرى ان السيد الرئيس اعلى واعظم شأنا عند الله جل شأنه من الخليفة ابي بكر الصديق رضي الله عنه ! كون الاول يتعامل مع شعب فيه احزاب اللقاء المشترك والثعابين !! في حين قاد الثاني مجتمعا متجانسا مؤمنا مؤسسا على التراحم والعدل وسماحة الاسلام بعد وفاة الرسول (ص) ! . الرابع بلطجي مسلح (انسان باع ضميره وصار مستعدا للقتل في ظل وضع استثنائي اوجده النظام ليقول : انا او الموت للشعب !). في ساعات الصباح الباكر ذهب الاول والثاني الى محطات بيع الوقود بحثا عن مادة البنزين التي صارت تباع في السوق السوداء مثلها مثل الممنوعات !!. وعلى بعد عشرات الامتار قال لهما اصحاب المحطة الاقرب : معذرة لن نبيع لكما ؛ فالكمية مخصصة لأبناء المنطقة المحيطة فقط ! فتحركا صوب المحطة الثانية ، فاستوقفهما العسكر عند نقطة التفتيش (المستحدثة) ونبهوهما باستحالة العودة ان هما قررا الخروج باتجاه المحطة التالية !! مع انها تقع في اطار ضواحي العاصمة !! لماذا ؟ .. بحجة ان الاوامر – ساعتها- تقضي بإغلاق منافذ الدخول امام كافة المواطنين ! طبعا .. باستثناء المسلحين المستقدمين بواسطة ورعاية المشاهير والعظماء من القيادات النافذة والمشائخ الذين نالوا حظوظا عجيبة في تقسيم العاصمة الى قطاعات ( كل قطاع تحت سيطرة أحدهم .. هل للحماية أم للفيد ؟ الله وحده والملثمين أعلم !!) . لحظتها تراجع الثاني وعاد الى منزله ، بينما اختار الاول المضي .. حتى وصل الى المحطة وأخذ مكانه في الطابور الأسطوري الطويل ! وانتظر لأكثر من عشر ساعات .. كون الكهرباء في اجازة مفتوحة ! والمولد الكهربائي الخاص بالمحطة - على ما يبدو- متضامنا مع المولدات الغير قادرة على التحرك في غياب الوقود!!. وفي ساعات العصر تحرك الثالث لنفس الهدف ، وعند وصوله ومشاهدته للطابور الطويل الممتد منذ الصباح الباكر ذهب الى أحد ملاك أو عمال المحطة ووضع في جيبه مبلغا زهيدا ففتح له بابا خلفيا ليدخل منه حتى يكون في مقدمة الطابور ! ، بل وسمح له بتعبئة السيارة مع العبوات التي كانت في مؤخرتها ! ومضى عائدا ، فاعترضه الجند .. فوضع مبلغا زهيدا مماثلا في يد احدهم ليسمح له بالمرور فورا رغم الحظر المفترض حسب زعمهم !!. وفي ذات التوقيت كان البلطجي المسلح قد تحرك صوب المحطة الاقرب ، وفور وصوله فرك فروة رأسه قليلا وتلفت يمينا وشمالا ثم أطلق العنان لسلاحه ليمطر السماء رصاصا ، فسرعان ما بادر اصحاب المحطة لتلبية الطلب دون تأخير ! ، ونتيجة لكثافة الطلقات النارية التي افزعت الثاني وهو في منزله قرر التحرك سريعا باتجاه المحطة ( التي كانت قد اعتذرت عن تلبية الطلب في الصباح ) ليحظى بما اراد دون أي عناء يذكر !! في حين بقي الاول مكابدا حتى ساعات الليل الاولى ..يعاني رتابة الانتظار ، فما ان وصل حتى قيل له لن نسمح لك الا بتعبئة (40) لترا فقط ، حرصا على تحقيق عدالة التوزيع !! وما أن رجع باتجاه الحي الذي يسكنه حتى اشعره الجند بعدم امكانية السماح له ! والمبرر واضح ... سبق تنبيهك باستحالة العودة (الدخول الى العاصمة ممنوع) ! حينها لم يجد بدا من التوقف طويلا حتى يتم التوسط لدى بعض القيادات العسكرية لتسمح له باجتياز تلك النقطة العسكرية المستحدثة !! بإيجاز ووضوح : الاول وحده هو من تعب وحرم ومنع من حق العودة الى منزله !! هو من جلد بصلف وقبح ممن لايحبون الوطن واهله الشرفاء !! فمتى تتغير الصورة ؟ متى نكون شعبا سويا مثل بقية الشعوب ؟ متى يكون الخلاص من حاضر قاتم السواد اوصلنا الى ان نرى قانون الغابة يستأسد وينتصر .. لتضيع مع تواجده الفض كافة الحقوق ؟؟؟