لم يكن أحد يتوقع أن يدخل اليمن البلد المحافظ جدا، طوراً جديداً في عملية التحاق المرأة في السلك العسكري؛ ففي الوقت الذي لا زالت النظرة المجتمعية لعمل المرأة والذي أن يقتصر حضورها العملي في المنزل أو المدرسة،إلا أن هذا المشهد تغير لتجد الكثير من النساء اليمنيات يتجاوزن هذا الواقع ،فلربما كما يصفه الكثير أنهن كسرن العديد من الحواجز المكبلة للمرأة اليمنية والمتمثلة بعادات وتقاليد المجتمع اليمني المحافظ، ،لتصبح حينها المرأة شريكاً فاعلاً لأخيه الرجل في كل مجالات الحياة تقريباً. الشرطة النسائية كانت أكثر العقبات التي استطاعت المرأة اليمنية أن تتجاوزها، وكأنها مرحلة جديدة دشنتها الفتاة اليمنية في حياتها العملية وخصوصاً أن مثل هذه الأعمال تعد شاقة على عليها نظراً لطبيعة العمل الأمني والشرطي في بلد لا يخلو يوماً من الاختلالات الأمنية ، إلا تلك المعطيات لم يمنعن كثيراً من الفتيات اليمنيات من اقتحام هذا المجال،والذي يتزامن مع الانتقادات الشعبية والأسرية التي جعلت منهن رهن الاستهزاء والسخرية. وعلى الرغم من التقدم الكبير للمرأة اليمنية في مجال الشرطة النسائية، إلا أن الكثير من التحديات تظل ماثلة أمام نجاحها في العمل العسكري. هيفاء حسين (ملازم أول) إحدى المشاركات في الحماية الأمنية لمؤتمر الحوار الوطني تروي ل" يمن الآن "تجربتها وتقول "إن تجربة الشرطة النسائية في اليمن كانت جديدة عن الثقافة اليمنية، ولذلك واجهت الكثير من الصعوبات كون المجتمع لم يتقبلها مطلقا". وأوضحت هيفاء "بأن المجتمع قابلنا بالرفض الشديد، وكانت التجربة بداية ً قاسية جداً". وأضافت: "كان الناس يستهزئون بنا، إلا أن تشجيع أسرتها تقول هيفاء شكل حافزاً معنوياً للوصول إلى ما نحن عليه الآن ". هيفاء تتحدث بشيء من الرضا بما تقدمه للمجتمع من خدمات أمنية جعلت من المجتمع اليمني يتفهم قيمة وأهمية وجود الشرطة النسائية، حتى أن أعضاء مؤتمر الحوار الوطني شجعوا على الفكرة بعد أن كانوا ينتقدوها". وحول طبيعة العمل العسكري، قالت هيفاء "إن تدريب الشرطة النسائية لم يكن بتلك الصعوبة التي يتصورها الكثير،بل كانت مجرد تدريبات بسيطة،مشيرة ًبأن الشرطة النسائية وماتلعبه من أدوار في المجالات الأمنية قد يتشابه مع دور المعلمة والطبيبة وتقول " إن الشرطة النسائية تقوم بالتفتيش ، والتواجد في السجون الخاصة بالنساء ، وكذلك با الأقسام الشرطية ، وإدارات الأمن، والمطارات، والمشاركة في بعض التحقيقات". أما مشيرة المضواحي (مساعد أول)، فقد أكدت ل"يمن الآن " أن التجربة كانت صعبة جدا. ولعلها تتفق مع هيفاء في نظرة المجتمع لهن بسخرية ،قد يصل في بعض الأحيان إلى الرمي بالطماطم،بل واعتبارهن أجانب حد قولها. وذكرت بأن دور المرأة العسكرية لا يقل أهمية عن دور الرجل، فقد شاركت الشرطة النسائية في الكثير من العمليات القتالية، في الاقتحام، والضبط، والتحقيق، وأحيانا تتعرض للرصاص. وعن أسباب اندفاع الكثير من الفتيات إلى العمل في سلك الشرطة، قالت مشيرة ل"أنباء "بالنسبة لي كانت لدي رغبة للانتساب في السلك الأمني ، بالرغم من أن كثيرا ممن التحقن بالشرطة، كان بسبب سوء الأوضاع المادية لأسرهن ". إحدى المدربات التي رفضت الكشف عن أسمها، قالت ل"يمن الآن " إن الشرطيات واجهن الكثير من المشاكل مع المجتمع خاصة في الدفعة الأولى التي تخرجت في عام 2001م. واستدركت بالقول "أن المجتمع بدأ يتقبل الفكرة أكثر، من خلال الأعمال التي تقوم بها الشرطة النسائية، كونها وفرت للمجتمع خدمة خاصة للمرأة في كثير من أجهزة الدولة كالجوازات والمطارات والسجون من أجل التعامل مع النساء في التفتيش والتصوير والتحقيق". ويشارك أكثر من 200 عنصر من الشرطة النسائية في الحماية الأمنية لمؤتمر الحوار الوطني الشامل، ضمن الخطة الأمنية المعدة من قبل اللجنة العسكرية. يذكر أن أول دفعة تخرجت من الشرطة العسكرية كانت في عام 2001م، ويمتلك اليمن ما يقارب 1800 شرطية، منهن حوالي 42 برتبة عالية. وتشارك الشرطة العسكرية في الكثير من المهمات، مثل التفتيش في المطارات والجوازات، والسجون، كما أنها تشارك في عمليات اقتحام منازل مشبوهة أو مُبلغ عليها من قبل الأمن. كما أنها شاركت في الكثير من العمليات في مكافحة الإرهاب