لا خبر يتقدّم التغييرات في المؤسسة اللبنانية للإرسال. ولا حدث يعلوها. أمست الإعلامية ديما صادق، جمهور المحطة بالخير بإطلالتها الجدية، بانتظار تقديم الخبر الشافي عن تفكيك السيارة المفخخة في الضاحية مساء الإثنين.. لكن ديما بدّلت تعابيرها فجأة. وخرجت عن مقعدها في الإستديو المؤقت، مرفقة بعبارة "لا". وال "لا"، هنا، أعطت إيعازاً للتعريف عن إنطلاقة جديدة للمحطة. إستعراضية واحتفائية. إختارت توقيت الذروة، لشدّ إنتباه المشاهدين الى حدث خاص، يفوق بأهميته كل أحداث البلاد.
واختيار توقيت نشرة الأخبار، عقب حملة دعائية مكثفة، قَلَب مفهوم النشرة الجديّ، الى احتفالية. بضع دقائق يحتاج اليها المذيعون للإنتقال الى الصيغة الجديدة، ملأها، تقنياً، تقرير الإنتقال. تكفّل رئيس مجلس إدارة المحطة بيار الضاهر الإعلان بنفسه. بدا التقرير، إعلاناً ترويجياً، ينضم الى الحملة الدعائية المستمرة. أهمية الحدث، بالنسبة للمحطة، خروجها من تصنيف الألوان السياسية. "إسترجاعها". غير أن مضمون النشرة، وشكلها، يتخطى بأهميته كل الحديث المستهلك عن الألوان. وبها، إفتتحت "أل بي سي آي" عصراً إخبارياً لبنانياً، يضاهي المحطات الإخبارية العربية.
يفتتح ماريو عبود الصورة الجديدة. وجهه أقرب، ويحتل مجمل الشاشة. ومع أن هذا الكادر، كان الأنشط في التسعينيات من القرن الماضي، إلا أنه بات الأكثر تداولاً في وسائل الإعلام الغربية، بحكم الضرورات التقنية، والغرافيتي الذي سيليه. لا يطول التصوير على هذا النحو. فقد أضيفت إليه الغرافيكس. وتنقسم الشاشة، بطريقة تقنية جديدة، تخطت مفهوم الكروما واللوحات الإلكترونية العملاقة المتداولة. الجهد البشري واضح ببصمته في شدّ الأبصار عن مذيعين يقرأون فقط. هو عرض متكامل، عنوانه تقسيم الأدوار البصرية. كان السرد الخبري، والخلفيات الخبرية في قراءة الخبر التلفزيوني، مقتصرة على الصوت. طورت وسائل الإعلام العربية، خلال السنوات العشر الماضية، هذا الجانب، بغرافيكس محدود. ومع خروج هذا المفهوم في المحطات الإخبارية، مثل "العربية" و"الميادين"، من التداول، لصالح الرسوم التوضيحية، إرتفعت أسهم النشرة بما يلبي احتياجات الجمهور. لم يعد الخبر مجرد تلاوة، ولا معلومة مقروءة. "أل بي سي آي" عززت هذا المفهوم في النشرة الجديدة. دخلت على خط المنافسة للمحطتين الإخباريتين. ومن الإطلالة الأولى، تبدو النشرة حدثية. تراعي تطلعات المشاهد لمعلومة توضيحية. ظهر ذلك جليّاً في التقرير عن الخلافات بين "داعش" والجيش السوري الحر في اعزاز. معلومة مفصلة، تحمل السرد والخلفيات والأرقام، الى جانب الحدث، بما يزيد الفهم.
ولا تقتصر الغرافيكس على التقارير. حتى الخبر الصامت، يُمنح وقعاً تصويرياً أكبر، بإحاطة المذيع بالصورة. هي لعبة مشهدية، برعت فيها "ال بي سي"، بهدف اكتساب جمهور إضافي، بدأ بالازدياد منذ التغيير في المضمون الذي طرأ على مقدمتها، وأولوياتها الخبرية، منذ أكثر من عام، فضلاً عن التغييرات التقنية التي يبدو أنها ستستقرّ على هذا الشكل الجديد.
وتعرّف المحطة عن التغيير القائم بكلمات مقتضبة. تؤكد أن النشرة الجديدة تقوم بشكل أساس على تغيير في المفهوم البصري، من خلال إعطاء مساحة أكبر للغرافيكس والصور. كما سيتمّ منح المراسلين مساحة أكبر ليقوموا بتقديم بعض تقاريرهم من داخل الأستوديو، إضافة الى تعديلات في مضمون النشرة تتركز على التواصل بين المذيعين والمراسلين.
وظهر في النشرة مراسلان جديدان، أولهما فتون رعد التي ظهرت برسالة مباشرة من طرابلس، ومراسلة جديدة في طهران. التطوير البشري، في الداخل والخارج، وانسحب على الموسيقى والألوان.
إطلالة "أل بي سي آي" الجديدة، شملت الإستوديو والمعدات واللوغو والموسيقى "تحضيراً لدخول القناة عصر الاعلام الرقمي وال HD". واستردّت الألوان السياسية، كما قالت، للجمهور. وقال الضاهر: نحن كمواطنين لبنانيين، نعتبر أن هذه الألوان ملكنا، وليست ملكاً للأطراف السياسية، وبالتالي قررنا استرجاع هذه الالوان لانها ملك لكل الناس وهي تدخل الفرح الى الحياة". وشدد الضاهر على ان الهوية الجديدة لل LBCI مبنية على مساحة بيضاء يمكن من خلالها خلق بعد لهذه الألوان وتظهيرها