مليشيات السياسة؟ أم سياسة المليشيات؟!! عبدالله مصلح هذا يتدثر بالوطن.. وذاك يرفع دثار الشرعية.. وآخر يتوارى خلف تراث الشريعة!! هذا يقود مرحلة التقاسم.. وذاك يخوض معركة المحاصصة.. وآخر يمارس الإقصاء الذي ثار عليه كما يدّعي! هذا يتحدث باسم الشباب.. وذاك يتغنى بدور الحرائر.. وآخر يعضّ على كرسي القيادة بفمه ومشافره؛ بعد أن تساقطت نواجذه قبل عشرين عاماً حين كان عمره (55) سنة! هذا يحلم باستعادة الوحدة.. وذاك يحاول عبثاً استعادة الدولة.. وآخر يهرول مسرعاً لاستعادة ما قبل الجمهورية!! هذا يقتل من أجل الانفصال وذاك من أجل الوحدة.. والآخر يقتل تحت راية الدين أو لافتة المذهب!! هذا يقتل انتقاماً لتجريده من السلطة.. وذاك يقاتل بهدف الوصول إلى السلطة.. وآخرون يُقتَلون دون معرفة أسباب مقتلهم! هذا يَقتُل بعبوة ناسفة.. وذاك بحزام ناسف.. وآخر ذبحاً بالسكاكين أو إحراقاً بالنار!! هذا يستخدم سيارات مفخخة.. وذاك عبر الدراجات النارية.. وآخرون يمارسون القتل عيني عينك! هذا يسعى إلى تحويلنا إلى مماليك للمملكة.. وذاك يودّ رهننا لإيران.. وآخر يتاجر بنا لدى قطر وأخواتها!! هذا يبيعنا للخارج بالآجل.. وذاك بالمجان.. وآخر يبيعنا للموت مقابل الجنة!! مع أن جميعهم يستلمون عبر الدفع المسبق!! هذا يحشدنا لمقاتلة التدخل الأمريكي.. وذاك يحضّنا على مجابهة المدّ الفارسي.. وآخر يستنفرنا لإيقاف الخطر الوهابي! هذا وذاك والآخر.. قد يكونوا مختلفين فيما بينهم، لكنهم جميعاً متفقون ضد الشعب، بل ويتداولون على قتله/ذبحه/إهانته/ استعباده/ استغلال ثرواته/ اختطاف ثوراته!! القاسم المشترك بينهم أن الجميع يمارس القتل والكل يعلن رفض العنف.. الجميع يتحدث باسم الشعب والكل يستمرئ استغفال الشعب.. يشترون الوطنية بالمزاد العلني (الإعلامي) ويبيعون الوطن بدون مزاد.. تارة نجد أنفسنا تحت نيران ما يسمونهم ب(البلاطجة) دون أن نعرف هوية محددة لهؤلاء باستثناء اتهام كل طرف للآخر برعاية هؤلاء البلاطجة، ويبدو أن كل طرف له بلاطجته الخاصة به، سواء تحت مسمى (جنود) أو مجاهدين أو حماة الشريعة أو أبطال القضية أو حتى لجان شعبية!! مرّةً يصمّوا آذاننا بالخطابات الثورية، ومرّةً بالحديث عن المبادرة الخليجية، وكرّةً عن فضائل المشاركة في الحوار!! جميعهم يخوفونا من الحرب الأهلية.. بينما الكل يحشد في سبيلها مختلف الأسلحة!! صالح يتربص بالرئيس هادي.. وهادي يتربّص بالحوثي، والحوثي يتوعّد الإصلاح، والإصلاح يواجه الحراك الجنوبي المسلّح، وهذا الحراك يستهدف كل من ينتمي إلى جهة الشمال!! جميعهم يدّعون المدنية والكل مُدان باللا مدنية.. كل طرف له دولته أو إمارته، وله مدنيته أو مدينته أو قبيلته، وله ثوّاره وأثواره وثرثراته.. له علماؤه وعلّاته وعلاعلته.. له طلّابه وطبّالوه وبلاطجته.. له قاعدته وقواعده ومقاعده وعقداؤه.. له قوّاته وقنواته وقماماته.. له تمويله الخارجي والداخلي سواء التمويل الحاضر الجديد والسابق القديم أوالقادم الآتي!! تارة يشغلونا ب(الخيام) وتارة ب(المنصّات) وتارة ب(الموتورات القاتلة) وتارة ب(السيارات المفخخة) وتارة ب(السفن الحاملة للأسلحة الإيرانية والمسدسات التركية) وتارة ب(الطائرات المتساقطة على أحياء العاصمة غير المعصومة) وتارة بالمسيرات المليونية والمهرجانات المليارديرية، وتارة بقرارات جمهو (ريّه وسكينة)!! هذا يقوم بتعيين أقاربه ويريد إقناعنا بأنه مع الإرادة الشعبية في التغيير.. وذاك يحشر أتباع حزبه في مناصب دسمة ثم يسعى لإقناعنا بمساعيه الحثيثة والمهرولة نحو بناء الدولة المدنية الحديثة!! هذا لديه قرارات جمهورية غير معلنة.. وذاك بحوزته قرارات حكومية سريّة.. والآخر مستمر في تدبيج قرارات وزارية معلنة وغير معلنة!! يعني الأمر أشبه بمليشيات سياسية وجدت نفسها فجأة تسير في طريق قيل لها بأن اسمه طريق الثورة، وفجأة لمحَتْ لصّاً كبيراً يهرب في نفس الطريق وحاملاً فوق ظهره أرتالاً من الثروة، فما كان من هذه العصابة إلا أن قامت بملاحقة هذا السارق حتى أمسكت به، وبدلاً من إعادة تلك الثروة لأصحابها –الشعب- إذا بهم يبرمون اتفاقا مشتركاً لتقاسم تلك الثروة فيما بينهم!! ويا دار ما دَخَلِكْ ثائر!! وكأن الوظيفة العامة باتت أشبه بأرض بوار اكتشفها ثلّة من المبوّرين سياسياً فهبّوا لتقاسمها وفق قاعدة "من سبق إلى مباحٍ فهو أحق به" وعلى غرار: هذه الوزارة لي وتلك المحافظة لك.. هذه الهيئة لي وتلك المؤسسة لك.. هذه الجامعة لي وتلك المدرسة لك.. هذا الصندوق من نصيبي وهذا الصرف الصحي من نصيبك.. هذا عامل نظافة حقي وهذا عامل نظافة حقك.. وإذا ما قلت لهم: اتّقوا الله.. فيردّ عليك أحدهم: هذا استحقاق وطني واسترداد وظيفي.. وآخر يردّ عليك وقد أخذته الثورية بالإثم: هذا استخلاف إلهي وتمكين ربّاني (جزاء وفاقاً). الله لا وفقهم ولا وضع لهم بركة.. لقد قالوا لنا بأنهم إنما يسعون لاستكمال أهداف الثورة، وإذا بهم يهرولون لتحقيق أهدافهم الخاصة؟! وعدونا بالعمل على حلحلة كافة قضايا الوطن لكنهم يعملون على إحلال ذواتهم وأذوائهم؟! أكدوا استعدادهم للمساهمة في انتشال الوطن الغارق في الأزمات -التي شاركوا في صناعتها- لكنهم قاموا بنشل المناصب والكراسي؟!! ولكم أن تتخيلوا مصير البلاد في ظل غزارة الأسلحة المهربة إلى مستودع اليمن الكبير، وانتشار جنوني للمخدرات والحشيش، ومزيد من انفجار البطالة المرتقب، وتزايد مشاعر الكراهية بين شمال الوطن وجنوبه وأيضاً بين الشمال والشمال، كما هي أيضاً بين الجنوب والجنوب! فبالله عليكم كيف نعوّل على هؤلاء المتحاصصين مجرد الالتفاتة إلى مثل تلك القضايا ناهيك عن معالجة نزر يسير منها؟!! كيف يسمح هؤلاء لأنفسهم بالدعوة لمؤتمر الحوار الوطني وهم ينهبون الدولة دون أي حوار حتى فيما بينهم؟! ثم هل تركوا لغيرهم شيئاً يمكن التحاور من أجله؟! لقد ألْهَاهُم التقاسم.. ألْهَتْهُم المحاصصة.. حتى أصبح المنصب الإله الأول.. وغدت الثروة المعشوقة المقدسة.. فخانوا الوطن والمواطن والثورة!! أحد الأصدقاء روى لي قصة عجيبة غريبة .. قصة نادرة الحدوث مفرطة في الضحك موغلة في الحزن!! استهلّها بمقدمة تساؤلية قائلا: أليس أصعب حاجة في بلادنا هو الحصول على وظيفة رسمية؟ فقلت له: بلى، بل أنه تم إيقاف التوظيف لمدة (4) سنوات. فقال: هل تعرف (فلان)؟ فأجبت: نعم أعرفه وأعرف بأنه كان أحد الباحثين عن وظيفة وهو يستحق ذلك. فقال: اطمئن يا صديقي.. لقد تم توظيفه وبدرجة وكيل وزارة مرّة واحدة!!!!!! وبعد دقائق من لحظات الذهول سألته: كيف حدث ذلك؟ فقال ببساطة: صدر له قرار بتعيينه مستشار بدرجة وكيل وزارة هههههههههههههه!!!