يتابع الرأي العام المحلي ، خطوات السلطة المحلية بشأن مشروع الصالح السكني الذي تم إنجازه بعد مخاض عسير ، وطبيعي والحال كذلك ، أن تكون الآراء متباينة لدى الناس ، فمنهم من يقول : بأن المشروع لن يخدم ذوي الدخل المحدود .. والقائل بأن هناك أسماء وافدة من محافظات أخرى هي المستفيدة بحكم دخلها المرتفع ، ومنهم من قال : بأن المحاباة والمحسوبية كانتا السمة الغالبة عليه ، وآخرون ابتعدوا كثيرا في أقوالهم ، بأن المشروع لم يكن بالمواصفات السكنية التي تستحق هذه القيمة التي بُولغ فيها !! ومنهم من يرى بأن مقدم الدفع ، مبلغ تعجيزي لمن لاَ يَمْلِكُ شَرْوَى نَقِير!!! ناهيك عن الأقساط الشهرية المحددة في العقد التي تقصم الظهر . و قرأت تصريحاً للأخ : صالح عبود العمقي الأمين العام للمجلس المحلي بالمحافظة في المواقع الالكترونية : شدد فيه على ضرورة إتباع الشفافية في كافة الإجراءات والخطوات المتخذة لتنفيذ هذه العملية التي تنتهي بإجراء المفاضلة والقرعة النهائية على الحاصلين للشقق السكنية بعيداً عن المجاملة أو الاستثناءات ) وهي خطوة تنم عن إدراك واع لما تترتب عليه مثل هذه الأمور، وبهذا التصريح تكون السلطة المحلية قد ردت على بعض تساؤلات الشارع الحضرمي وبعضها الآخر بقي دون إجابة . ونحن هنا .. لا نثير جدلاً حول هذه التساؤلات التي أثيرت أو ما بقي منها ، بقدر ما نحاول التأكيد على قضية كانت قد تبنتها السلطة المحلية بموجب قرار جمهوري صدر بشأن المعالجة الشاملة لقضايا التأميم التي تضرر منها الملاك الحقيقيون والملاك الجدد الذين مكنتهم الحكومة الاشتراكية من صكوك تمليك أفضى إلى نزاع حقوقي بين مالك تم انتزاع حقه ومنتفع مُلك بغير حق . وهلت بشائر النظام الوحدوي للجنوبيين الحالمين بعهد جديد من العدالة الاجتماعية وإعادة الحقوق إلى أصحابها ، ووضع المعالجات الصحيحة لقضايا الإسكان التي كان العهد الاشتراكي سببا فيها .. واستبشر الناس خيراً بما يحمله الحلم في طياته من أسباب الأمل في إنهاء وضع دام عقدين ونيف من بعض الأخطاء ، غير أن ذلك لم يتحقق ، وظلت قضية المنتفعين والملاك تراوح مكانها بلا حلول أو معالجات . بصدور قانون الخصخصة رقم (45) لعام 99م ، وبسبب ( المادة 26) منه ، وهي مادة غير مفهومه ، تعرض فيها الملاك الأصليون ، للحيف والظلم (حيث إن بعض المؤسسات والشركات كانت ملكا خاصا تم تأميمه قبل الوحدة ، وبعضها كان قانون التأميم ينص على تعويض الملاك بعد مرور عشرين عاما من تاريخ التأميم) حيث شملت المادة الموظفين الذين قذفوا إلى العمالة الفائضة ما عدا البعض منهم الذي سوى وضعه بالإندماج في الموازنة العامة بعد جهد جاهد ، وتمكين المالك الجديد من العقار كأصل من أصول البيع . وضاعف من الآثار المأسآوية السياسة التي انتهجتها السلطة ما بعد حرب94 برمي الملاك والمنتفعين إلى مصير مجهول، وعدم الالتفات إلى قضاياهم المعلقة وأصبح معظم المنتفعين يعيشون في الشقق المؤممة والمملوكة لهم في أوضاع إنسانية مزرية لا يجدون فيها ملجأ ومتسعاً لتزويج أولادهم ، ومما يثير الدهشة والاستغراب استحواذ كبار القوم على مخططات مخصصة للمدارس والمتنفسات والخدمات العامة في المواقع التي يسيل لها اللعاب تحت مسميات سكنية ومشاريع وهمية استثمارية ليتمكنوا من بيعها بأثمان باهظة. وأضحت أراضي الجنوب التي كانت قد أُممت وصُودرت بقانوني التأميم والإصلاح الزراعي في العهد الاشتراكي تصرف بالمجان وبتعليمات فوقية كهبات للقيادات المحسوبة على النظام ، وتعويضات لأسر قتلى محافظات الشمال في حروب صعدة ..والمشكلة أن ما يسمى بأراضي وعقارات الدولة يوجد بالجنوب ، بينما في الشمال أراضي القبائل والحقوق الخاصة .. ولم نسمع بأن أحد أبناء الجنوب تم تعويضه بقطعة أرض في الشمال . والحقيقة ، هناك مجموعة من " المنتفعين السابقين " قاموا بتمليك شقق في إطار عمارة مكونة من دورين أو ثلاثة ,, وفي تلك الفترة أطلق علماء دين نداءاتهم في خطب الجمعة وفي مقدمتهم السيد العلامة عبدالله محفوظ الحداد رحمه الله تعالى ، حذروا فيها الملاك الجدد من مغبة الإقدام على خطوة كهذه ، لأن التمليك غير شرعي ، وأجمعوا على عدم جوازه شرعاً وقانوناً .. وقد استجاب كثيرون للنداء .. واقتنعوا بقطعتي الأرض التي صرفت لهم . وثمة بيوت من طابق واحد لم يستكمل بناؤها من قبل الملاك الشرعيين بحكم صدور قانون التأميم الذي باغتهم على حين غفلة .. فقام مكتب الإسكان حينها ، ببناء مساكن على سطوح تلك البيوت وتم تمكين الأسر المنتفعة بعقود انتفاع وذلك لتزايد أعداد المتقدمين في الحصول على سكن ، وهذه المشكلة تكاد تكون متاهة للمالك الحقيقي والمنتفع والجهة التي كان حرياَ بها ، تثمين ذلك البناء واحتساب فترة الإهلاك من القيمة ، وكان بمقدورها معالجة القضية بهذه الطريقة ، وإنهاء هذا الخطأ الذي كان من صنيعتها . ونحن اليوم ومن منطلق حرصنا بعدم تكرار الأخطاء نقول : أليس من الممكن عرض الفكرة في البداية على المقيمين في مساكن غيرهم ،إن أرادوا الاستفادة من مشروع الصالح السكني بدلاً من بقاء قضيتهم دونما حل وهنا ستنهي السلطة المحلية اللغط الذي يدور بتساؤلات الناس حول من هم المستحقون فعلاً في هذا المشروع ؟ إلا إذا كانت هناك ترتيبات أخرى تحتفظ بها السلطة المحلية لهؤلاء ..لحل قضيتهم التي طال مداها .. نأمل ذلك .