** فيما يسمى الثورة اليمنية تعد توكل كرمان أيقونة ربيع اليمن ، فالمرأة التي قدمها الإعلام العربي في أبهى صورة خرجت عن كل التقاليد اليمنية المألوفة ، شدت إليها الكثيرين في العالم ، حتى وصورتها الأخيرة وهي ترفع إبهامها بعد التصويت كانت الصورة التي أعلنت تحقيق هدفها بإسقاط علي عبدالله صالح تتويجاً لجهود مضنية بذلت على مدار أعوام سبقت ما يسمى الثورة … لطالما عانت الشعوب العربية من حصولها على حقوقها البشرية من عدالة وكرامة وحرية ، هذه المعاناة هي مسببات أخرجت توكل كرمان وأخواتها إلى الساحات للمطالبة بالحقوق الإنسانية ، ولأننا نعيش في مخاضات متقاربة في همومنا وأحوالنا تناقلت رياح التغيير في العالم العربي كل النمطيات فتوحدت الشعارات ، حتى توحدت مشاهد هزائم الأنظمة العربية من تونس إلى مصر وليبيا واليمن وسوريا … عندما كانت توكل كرمان في سن الثامنة عشر كانت في المكلا 27 ابريل 1997م انتفاضة وطنية عارمة ، عندها كان النظام اليمني يمتلك كل القوة والجبروت ، وكانت توكل كرمان تحمل دفاترها المدرسية وأقلامها وتذهب إلى الصف المدرسي على حساب بترولنا الحضرمي ، وكنا في تلكم اللحظة نواجهه نظام علي عبدالله صالح في الشوارع بقضية سياسية حضرمية ، في هكذا توقيت يلزم لتوكل كرمان وكل من شاركها ما يسمى الثورة الشبابية أن يتأملوا في صراعنا ضد نظام الحكم الذي ظلمنا وظلمهم ، وأن كان في ظلمنا قدر أعلى فهو منهم وهم منه … توكل كرمان التي صنفت عالمياً بالقيادية ، وحملت في زمن الربيع العربي جائزة نوبل للسلام ، تبلدت عندما حققت انتصارها على نظام صالح ، فتجاوزت على الحراك الحضرمي والجنوبي تجاوزاً معيباً فليس من الحصافة أن تصف الحراك بأنه لم يقدم شيئاً في إسقاط رأس النظام الحاكم في اليمن ، وإذا كان الحضارم والجنوبيين يرفضون الوحدة مع أي نظام يمني غير نظام صالح فما بعد ما تجاوزت به توكل كرمان لهم كل الحق ، فنحن أمام ذات عقلية صالح وأن كانت محجبة … العدالة والكرامة والحرية والديمقراطية ليست مجرد مصطلحات تسوق للشعوب ، فقد سوقها علي عبدالله صالح بل أنه قاد الشعب اليمني كله في 2006م ليضع صوته في صناديق ( الكذب والزور ) الديمقراطية ، وها هي توكل كرمان تخرج من بقايا علي عبدالله صالح لتمارس ذات العبث فهي تسوق المصطلحات من حرية وعدالة وكرامة وديمقراطية ولكنها ترتد لتعلن خصومتها مع عدالة وكرامة وحرية القضية الحضرمية والجنوبية … قدمت حضرموت والجنوب أول شهدائها في العام 1997م ، هنالك بدأت الحقوق ، قبل أن يحترق البوعزيزي في تونس ، كانت هنالك ثمة غضبة للمطالبة بالحق الإنساني الكريم والعادل والحر على أرض حضرموت ، طبعاً لا تدرك توكل كرمان وحتى ملايين الشعب اليمني الذين ساقهم علي محسن الأحمر وحيد الأحمر إلى اعتصامات حاشدة تلكم الحوادث ، وطبعاً لا تدرك توكل كرمان نشوء الحراك الحضرمي منذ العام 2005م ، ولا تدرك أن في سبتمبر 2007م كان أخوانها من أبناء الجمهورية العربية اليمنية يهربون ليلاً من المكلا لأنهم ليسوا من أهلها … الحراك الحضرمي والجنوبي الذي وصفته توكل كرمان بأنه ( مسلح ) قدم ألفي شهيد من العام 1997م ، الحراك الحضرمي والجنوبي لم يعرف مواجهة مسلحة على رغم السنوات الطويلة في صراع مع نظام يمتلك شرعيته بالسلاح في حضرموت والجنوب ، بل هذه الشرعية الباطلة اقترنت بصنوف من النهب والسلب لكل الثروات من تاريخية إلى طبيعية … توكل كرمان كانت تبيع في سوق ما يسمى الثورة الشبابية السلمية ( الوهم ) فهي لا تعرف من الحرية شيئاً ، ولا تعرف ما هي العدالة والكرامة والديمقراطية ، هذه ال ( توكل ) تحمل بضاعة تبيعها على الجوعى والمعدمين ، تقدمها للمساكين وحتى المخبولين ، يحق لها أن تبيع لمن تشاء فهذه سوق كبيرة للدجل والدجالين ، وهنا في حضرموت والجنوب بضاعتها لا يشتريها أحد فكلنا نعرف كيف نشتري العدالة والكرامة والحرية ، ندفعها زهيدة في أرضنا وموطننا المحتل … بقلم : سالم عمر مسهور