وافق شهر رمضان هذه السنة نجم البلدة وموسم البلدة يبرد فيه البحر في ساحل المكلا برودة عجيبة حتى كأن الماء هو ذوب الثلج ، وقد اختلف الناس في تفسير هذه الظاهرة العجيبة ولكن ليس هذا هو مجال حديثي ، وإنما حديثي عن حكم الاغتسال والغوص في البحر في رمضان لأن الناس يكثرون من ذلك في البلدة ، وأصل الاغتسال والتبرد في أثناء الصيام جائز ولكن الاغتسال في البحر شيء آخر لوجود الموج الذي يمكن أن يتسرب بسببه الماء إلى الجوف فما حكم الصوم ؟ وهل يعد هذا باختيار الصائم أو بغير اختياره؟ فمن المعلوم باتفاق أن وصول الماء إلى الجوف باختيار الإنسان يعد مبطلا للصوم ، والحقيقة أن دخول الإنسان إلى البحر باختياره مع الموج يجعل دخول الماء حينها إلى الجوف باختيار السابح ؛ لأنه فعل ناشيء عن اختياره ، وهذا كالمبالغ في المضمضة الذي لا يريد إلا تطبيق السنة وليس مختارا لدخول الماء إلى جوفه لكنه إذا بالغ في الاستنشاق ودخل الماء إلى جوفه أفطر وبطل قومه ؛ لقول النبي صلى اله عليه وآله وسلم في حديث لقيط بن صرة :" وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائما " فالمقتحم للماء لا سيما ماء البحر كالمبالغ في الاستنشاق ويترتب على دخول الماء إلى جوفه بطلان الصوم مطلقا، وأما الإثم ففيه تفصيل بحسب حال الإنسان: -فمن عرف من نفسه أنه لا يدخل الماء إلى جوفه إذا اغتسل بحسب الغالب فلا إثم عليه ، ولكن عليه القضاء . - ومن عرف من نفسه وحاله دخول الماء إلى جوفه أثناء الاغتسال بحسب الغالب ، فيأثم إلا لضرورة . وأما إذا اغتسل المغتسل ولم يدخل في جوفه شيء فلا شيء عليه والتبرد مباح . هذا ما لزم ذكره بيانا للناس ، وإن كان مجيئه متأخرا فأن تأتي متأخرا خير من أن لا تأتي . والله أعلم .