* تفصلنا أيام قليلة وبعدها تستقبل الأمة الإسلامية شهر رمضان المبارك شهر عظيم من خير الشهور وفيه فرض الله على المسلمين الصيام لما له من فوائد جمة على الإنسان وفيه من الأجر الوفير والثواب الجزيل، وفي هذا الشهر يصفد الشياطين وتفتح أبواب الجنان وتغلق أبواب النار،، وتكثر الطاعات وتلاوة القرآن وصلاة القيام تزكية للقلوب وتهذيب للنفوس ومحاسبة الذات من الذنوب والآثام، إِن الصيام فرض على سائر الأديان السماوية وفضلاً على أنه عبادة خالصة لوجه الله تعالى وركناً من أركان الإسلام فهو أيضاً له عوائد طيبة لصحة الانسان، ولأهمية ما يكسبه الصيام للبشر من منفعة روحية وسلوكية لذلك فرضه الله سبحانه وتعالى علينا مثلما فرضه الى الأمم التي قبلنا بقوله تعالى: (يا ايها الذين امنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون) صدق الله العظيم، وفي الحديث القدسي إن الله قال: (الصوم لي وأنا أجزي به). * وعن حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (سافروا تربحوا.. وصوموا تصحوا.. واغزوا تغنموا) رواه الإمام أحمد. ولعل منافع الصيام يدخل في قوله سبحانه وتعالى: (سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق). * وبهذه المناسبة الدينية الغالية على المسلمين قمت بإعداد مادة رمضانية نستعرض فيها الفوائد الناجعة للصيام من الجوانب الصحية ونذكر شيئاً من تجارب الأمم والباحثين والأطباء الذين أستخدموا الصيام على مر العصور والأزمان إعترافاً بهم بأهميته العلاجية وخلاصة تجاربهم الطبية التي أكدت أن للصيام أهمية كبيرة على صحة الأبدان،، وبديلاً في كثير من الحالات للأدوية والعقاقير، وهنا نقتطف عزيزي القارئ لكم شيئاً من ذلك للفائدة والاستفادة من تجارب الشعوب الأخرى غير المسلمين وخلاصة أبحاتهم التي أكدوا فيها نجاح العلاج بالصيام من أمراض مزمنة ومستعصية. فوائد الصيام على مر الازمان * في مصر القديمة ذكر في مؤلفات هيرودوت 450 قبل الميلاد أن المصريين القدماء كانوا يصومون ثلاثة أيام من كل شهر كما أنهم نجحوا في علاج مرض الزهري بالصوم الطويل ولاحظ هيرودوت أنهم كانوا – أيامها وربما بسبب ذلك الصوم – أحد أكثر الشعوب قوة، وخلال احتلال نابليون لمصر جرى تطبيق الصوم في المستشفيات للمعالجة من الأمراض التناسلية. * أما الطبيب سقراط 470-399 قبل الميلاد فكان ينصح المرضى حتى في أحرج المراحل العلاجية بأن يصوموا وكان يقول لهم عن عمل ووظائف الصيام: (كل إنسان منا في داخله طبيب وما علينا إلا أن نساعده حتى يؤدي عمله), ثم جاء الروماني جالينوس في القرن الثاني الميلادي وأوصى بالصيام كعلاج نافع لكل أعراض الروح السالبة -الاكتئاب والتوتر والحزن المفرط وفقدان الحب- وقد استفاد منه الكثيرين.. * وفي القرن التاسع عشر أعلن الطبيب الروسي زيلاند أن الصيام قد أثر تأثيراً إيجابياً على الجهاز العصبي للمرضى، كما أثر كذلك بقدر لا بأس به على عملية الهضم ونقاوة الدم، و كتب في مؤلفاته قائلا: (إن الصوم يسمح للجسم بأن يرتاح ثم يستأنف نشاطه الطبيعي بطاقة وحيوية متجددة). * في عصر النهضة الأوروبيه أخذ علماؤها يطالبون الناس بالحد من الإفراط في تناول الطعام و ترك الانغماس في الملذات والشراب ويقترحون على المرضى إستخدام الصوم للتخفيف من الشهوات الجامحة، وفي ألمانيا وجد الطبيب فريدريك هوفمان سنة 1660-1842 م أن الصوم ويقصد به التجويع المتواصل وهو ما يعرف ب(الصيام الطبي) يساعد بشكل مباشر على معالجة داء الصرع والقرحة والسرطانات الدموية وأورام اللثة ونزيفها والقرحة الجفنية، كما قام بنصح المرضى الذين يشكون من أي مرض بأن يجربوا العلاج بالصيام. – ونكتفي بهذا القدر وسنواصل الحديث عن تاريخ وفوائد الصيام في الأيام القادمة..