درجت دولتنا اليمنية سواء قبل الوحدة أو بعدها على الاحتفاء والتعطيل في ثلاثة أعياد تأتينا في ثلاثة أشهر متوالية، سبتمبر وأكتوبر ونوفمبر، وتوصف بالأعياد الوطنية، لكننا إذا نظرنا للحدث الذي تقترن به كل مناسبة وجدناه بعيد عنا لا يعني لنا شيئًا في منطقتنا الشرقية الحضرمية، بينما لنا نحن الحضارمة أيامنا المعاصرة المجيدة التي ينبغي أن يدرج الأبرز منها في سلك الأعياد الوطنية العامة حتى تكون لنا شخصيتنا الحاضرة في هذه الدولة التي نحن نعد جزءًا كبيرًا ومهمًا منها . فيوم 26 سبتمبر تم فيه إسقاط نظام الإمامة، وهذا النظام كان مقصورًا على المنطقة الشمالية والغربية، ومن ثم لم يمتد تأثيره السلبي الذي دعا للثورة عليه إلى شرق البلاد ولا إلى جنوبها، ولهذا فهو لا يعني لنا شيئًا يذكر ولا أثر له في واقع حياتنا بحضرموت، كما أن يومي 14 أكتوبر و30 نوفمبر هما حدثان معنية بهما المنطقة الجنوبية التي كانت تحت الاحتلال الإنجليزي العسكري والمباشر، وقد كانت المنطقة الشمالية والغربية مستقلة لا استعمار فيها، والمنطقة الشرقية الحضرمية مرتبطة بالإنجليز لكن دون تدخل مباشر أو وجود عسكري . وإن لنا نحن الحضارم نضالاتنا ضد هذا الارتباط وسجلنا أيامًا مجيدة يجب أن يحتفى بها وأن تصبح مناسبة وطنية يحتفى بها وعيدًا وطنيًا تعطل له الإدارات أسوة بأعياد سائر المناطق، وأخص بالذكر يوم 27 ديسمبر المشهود، والذي شهد حركة نضالية اتسمت دون غيرها من الحركات في اليمن بالجماهيرية وبالسلمية رغم البطش الذي تعرضت له، ولم ترتبط بفئة معينة كالعسكر أو الثوار المسلحين . وقد تناولت صحيفة عدنية هذا الحدث باحتفاء شديد بوصفه الأول من نوعه في المنطقة آنذاك، وهي صحيفة ( النهضة ) في عددها ( 57 ) الصادر بتاريخ 4/1/1951 ، ومما ذكرته أن أهل المكلا " أصبحوا المثل الأول للجنوب في الكفاح من أجل الحقوق الوطنية الصريحة، أصبحوا أساتذة الوطنية لشعب الجنوب العربي … فلا يجب أن ينسى الجنوب هذا الدرس الدموي الهائل وإلا فستظل حياته منسية أبد الدهر، هذا هو الدرس الذي يمكن أن نخرج به من قصة أول مظاهرة من نوعها في حضرموت، بل والجنوب بإماراته وسلطناته ومحمياته " . وتحقق ما قاله كاتب الخبر فنسي الجنوب الدرس فأصبحت حياته منسية بل في حكم المنتهية إلى الأبد، لكن الغريب أن ننسى نحن بو حضرم هذا الدرس وذلك اليوم وتلك المناسبة، إن كثيرًا من مرافقنا وشوارعنا في مدينة المكلا وغيرها من المدن الحضرمية تحمل تواريخ وأعلام وغيرها من الأسماء التي لا تعنينا وننسى ما نحن معنيون به منها، وهذا جائز في سياسة البيادق المرتبكة والعرائس المتحركة . لذا فإني أدعو أن يعلن يوم ( 27 ديسمبر ) يومًا وطنيًا لمنطقتنا الشرقية الحضرمية، وأن يحمل بعض مرافقنا وأحد أهم شوارع المكلا اسمه، بل ينبغي أن ننادي ونطالب شركاءنا في الوطن بحقه من الاحتفاء والتعطيل بوصفه عيدًا وطنيًا عامًا أسوة بسائر الأيام التي يحتفى بها لسائر المناطق والجهات اليمنية، وإلا فإن لكم أعيادكم التي لا تعنينا، ولنا أعيادنا التي نعرفها ونقدرها أو هكذا ينبغي أن نكون إزاءها .