يسلم بن علي شاعر غنائي من شبوه وتحديدا..من عماقين ..ويقولون أن أعذب الشعر أكذبه ولذلك كتب في ستينات القرن الفارط يقول: يا..عدن ..مابا..حلاليش جنة الدنيا ..عماقين والمقصود (( بمابا..حلاليش )) أي الإقامة ' أما عماقين فهي قرية صغيره في شبوه .. لا يعرفها أكثر القراء و لم يسمعوا عنها قبل هذا الموضوع ورغم ذلك يرى فيها الشاعر أنها جنة الدنيا مقارنة ب(نصف لندن ) عدن ..كما يصفها محبوها والمغرمون بها. شهرة يسلم بن علي كشاعر غنائي ..عريضة جداً.. إلا أنّها ليست في حضرموت وبقية مناطق الجنوب ..ناهيك عن اليمن ..شهرته تركزت في المملكة العربية السعودية حينما إرتبط إسمه برجل الأغنية السعودية الكبير طلال مداح (( رحمة الله عليه )) وتعاونّا في عدد من الأغنيات ، أكثرها انتشارا أغنية (( في سلم الطائرة )) التي لاقت رواجاً استثنائيا يتناسب ومكانة الراحل طلال مداح الفنية وحداثة القصيدة في ذلك الوقت. عاش يسلم بن علي مايزيد عن نصف قرن في السعودية ،كانت البداية في مدينة جده ثم انتقل منها إلى الرياض وسكن في منطقه شعبيه إسمها (( شارع الدركتر))..وإستقرّ في بيت بسيط مكون من غرفتين ودورة مياه صغيره بدون مطبخ..ورغم ذلك كان يأتي إليه كبار الشعراء و الفنانين السعوديين عند زيارتهم مدينة الرياض ويؤثرون الإقامة في البيت المتواضع على السكن في الفنادق من ذات النجوم الخمس أو الدور الفخمة..أما السبب فيعود إلى شخصية يسلم بن علي المُقبِلةُ على الناس ..والمرحة.. …. والمتصفة بالكرم الفطري ..فالمنطقة التي يسكن فيها في العاصمة السعودية الرياض كانت قريبه جداً من منطقتين هما ((حلة العنوز)) و (( الصناعية )) وتشتهر المنطقتان بوجود مطاعم للمأكولات الحضرمية ذات المذاق اللذيذ (( المظبي ‘ المندي))…..' فما.. أن يحل على الشاعر ضيوفاً في مسكنه المتواضع إلا والمظبي كان احد الحضور ….مع الطحينة والفلفل الأسود والملح والعيش الأسمر((بر )) وطبعاً بوجود زينة السفرة ونجمها وفارسها الأول(( العسل الدوعني الفاخر)). هجر يسلم بن علي اصدقائيه من الإعلاميين والشعراء والفنانين '..الذين كانوا يجتمعون مساء كل ليله في مقر الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون بالرياض..' هجرهم ' فترة على غير عادتهِ 'وحينما عاد لزيارتهم..قال له احد أصدقائه .. مازحاً: ماهو منك يا..بن علي؟ وهو تساؤل..فيه من العتاب والطرافة ( والتخابث ) الكثير.. وتعني ان السائل يعرف الإجابة لكنه ينتظر تأكيد ظنونه من صاحب الشآن…فأجابه يسلم : (( منك ياعسل دوعن …)) وإستمرّ قائلاً : خلوني علي صبري خلوني علي جمري صابر سنين ..منك ياعسل دوعن قوت العاشقين فقال له احد الحضور ..هل المقصودة دوعنيه.. يا ((بن علي )) فقال: نظره ..منه ..تكفيني وا.. مسكوب في صيني كما ..الماس الثمين..منك ياعسل دوعن قوت العاشقين وواضح أنّ إعجاب الشاعر الشبواني بالعسل الدوعني وكذلك ضيوفه جعله يرمز إلى العسل ب((المحبوب)) . ثُمّ أصبحت (( ياعسل دوعن )) أغنيه أدّاها ابوبكر سالم بلفقيه ، وقام بغنائيها بعد ذلك عدد من مطربي الخليج . أما عن حياة يسلم بن علي في الوقت الحاضر فهو يعيش في قريته (( عماقين )) بعد عودته من غربته الطويلة ،..مريضاً ..طريح الفراش ..لا يعرفه أحداً ..ولا يزوره ..احداً ..ولا يتذكره ..احداً. وضعه الصحي والمعيشي …والنفسي .. ليس استثناء أو خروج عن مايحدث للغالبية العظمى من سكان هذه البلاد.. فهو مثل كل الموهوبين والمبدعين والموظفين والتجار الذين تركوا ديارهم ووطنهم ذات يوم لألف سبب…ثم عادوا إليه طمعا في حياة مستقره و هادئة وعصريه ..لكنهم وجدوا وطناً ثائراً … من 44 عاماً .. وغابت عنه الأسباب التي توفر الرفاهية والعزة والمجد والكرامة لأبنائه..وكأنما الثورة عملٌ تنشغلُ به الأُمة عن معاناتها في لقمة عيشها ومصحاتها واقتصادها و تعليمها وتطورها..وليست ثوره من اجل بناء وطن يوفر لمواطنيه العيش الرغيد الهني.
مسكين إبن هذه البلاد فلا المهجر حقق له أحلامه بعد الحياة الطويلة فيه.. بأفراحها وآلامها أو..المال الذي جمعه قبل أن يطير المال ويبقى سوء الحال !! .. ولا الوطن منحه الطمأنينة على مستقبل آمن.. فيه رغد الحياة ورفاهيتها. ويا ..و طني متى تنتهي الثورة ..وتتوقف الشعارات…وتنتقل إلى الدولة العصرية و تصبح بلادنا مثل بلدان جيراننا من استقرار إلى تنميه إلى تقدم وتطور . لا تحزن يا ..بن علي فهذا (( كأس )) يشرب مرارته كل المغتربين من أهل هذه البلاد التي كان خيار قادتها الثورة ..وعندما تنتهي الثورة ويبدأ بناء الدولة المدنية الحديثة ..ستتوقف الهجرة والغربة والمعاناة