في صباح يوم السبت الموافق ال17من نوفمبر الجاري, ودّعت محافظة شبوة الشاعر والأديب الكبير يسلم بن علي باسعيّد, أحد أعلام الشعر الغنائي في الجزيرة العربية واليمن, الذي توفي في أحد مستشفيات مدينة المكلا بمحافظة حضرموت, عن عمر ناهز ال 70 عامًا، بعد معاناة شديدة مع المرض, وشيع جثمانه في نفس اليوم في مسقط رأسه منطقة"عماقين" بمديرية الروضة. ويعتبر يسلم بن علي من أشهر شعراء الأغنية العاطفية على مستوى الجزيرة العربية, وله في هذا المضمار سجل حافل بالكثير من الأعمال الإبداعية, خلال الفترة الممتدة منذ مطلع ستينات القرن الماضي, وهي الفترة التي انتقل في الشاعر إلى المهجر, وتحديدًا إلى مدينة (جدة) بالمملكة العربية السعودية, وعاش هناك قرابة خمسون سنة.وتغنى بقصائده أشهر الفنانين في الوطن العربي، أمثال: الفنان الكبير أبو بكر سالم بلفقيه، ومن أبرز تلك الأعمال التي قدما بلفقيه (أنا مالي إذا قالوا رفع رأسه - سرقت النوم من داخل عيوني – منك يا عسل دوعن), والفنان الراحل طلال مداح, غنى له (في سلم الطائرة بكيت غصبا – فك الإشارة – معاد لي نفس, مشتاق للمغرب ولي قلب حساس), وغنى له الفنان الراحل أحمد يوسف الزبيدي ( متى الإقلاع يا طيار – فيوز القلب محروقة– إشاعة حب) والفنان الراحل فيصل علوي ( نصحتك –سقوك المر) وقدم له علي الصغير ( من بكى عيال الناس) وهود العيدروس ( يلومون الجمل ياصاحبي), كما غنى له العديد من الفنانين الآخرين, منهمعبد الرب إدريس, وعلي العطاس, وعبدالله النجار,ومحمد عمر, وعبد الله الرويشد, وعلي العمودي, وعبود خواجة وآخرون.
وفي عام 2011م, صدر ديوانه الأول بعنوان "دموع المهاجر" عن دار جامعة عدن لنشر, ضم بعض قصائده, وقدم له الدكتور عبد العزيز بن حبتور, رئيس جامعة عدن, مقدمة ضافية, ولكن هناك العديد من القصائد الأخرى التي تحتاج إلى جمع وتوثيق لم يشملها "دموع المهاجر", وتقع مسؤولية جمعها على عاتق الجهات المعنية ممثلة بوزارة الثقافة ومكتبها في المحافظة.
ومن المعروف أن الشاعر يسلم بن علي, قضى معظم حياته في الغربة خارج الوطن, ومع ذلك نجد أنه لم ينس موطنه الأصلي ومرتع صباه, خصوصًا قريته "عماقين" التي ذكرها في أكثر قصائده, وهي أحدى المناطق الجميلة في مديرية الروضة, وتحيط بها سلسلة من الجبال الشاهقة, ومما قالهفيها:
لو خيرونا في المداين أو عطونا قصر عالي ** بختار خيمة في عماقين لونا على بارد من الشنة و نظرة في عيالي **مابا التجارة و الملايين هم علموني المحبة و ادخلوني بحر مالي ** ذقت العنب لي في البساتين
وقوله:
قال يسلم بن علي قسّمت قلبي عالمحبين ياعدنمابا حلالك جنة الدنيا عماقين
وفي بعض الأحيان نجد أنه يبوح بمعاناته, وشكي من طول غربته وقسوتها ومدى شوقه لوطنه وأهله, هذا ما يجده المتتبع لمجمل قصائده, التي يذكر فيها السفر, والفراق, والشوق, والوداع, ووسائل السفر..وفيها يتجسد حب الشاعر العميق لوطنه وأحبابه وأهله ومن تلك القصائد:
على خدّ المهاجر سالت الدمعة ** وحُبَّه للوطن من قوة الإيمان ومن فارق ضنينه ينقلب طبعه ** حياته تنتهي في عالم النسيان تذكرت الحبايب ليلة الجمعة** وكرهت السفر ليت السفر ماكان و ليلي طال والدمعة ورا الدمعة ** حياته في تعب من فارق الخلان متى باشوفهم مشتاق للرجعة ** متى باشوف صيرة أو جبل شمسان
وقصيدة في سلم الطائرة:
في سلم الطائرة بكيت غصباً بكيت ** على محبين قلبي عندما ودعوني بأشوف محبوب قلبي بين نخلة وبيت ** يناظر الطائرة يبغى يحرك شجوني فعلاً أنا عندما شفته بعيني بكيت ** وقلت بالله, يا أهل الطائرة نزلوني بشوف محبوب قلبي عادني ما انتهيت ** وإن كنت غلطان يا أهل الطائرة فهموني يا آه في آه كم باقول يا ليت ليت**عسى محبين قلبي عادهم يذكروني خاف إنهم يعشقواغيري وأنا ما دريت ** أحسن ليا الموت لو هذا حصل فأقبروني