عادات في طريقها للزوال القناصة تعد من الموروثات الشعبية الضاربة بجذورها في التاريخ وتوارثها الأجيال من جيل لآخر لكن مع تقادم الزمن ودخول عصر العولمة وبدأت تنقرض ولايمارسها إلا قلة ممن يعشقون الصيد والسير في البراري بعد أن تغيرت الأحوال وقلت أعداد الوعول عما كانت عليه في السابق لأسباب عديدة وربما قد تختفي هذه العادة في قادم السنوات وستبقى قصصا يتوارثها الناس من جيل لآخر مع بقاء بعض الدلائل مثل رؤوس الوعول التي تزين بعض البيوت في دوعن دلالة على الفخر عند الأهالي وإشارة إلى عشق هؤلاء بالقناصة مع أنه لازالت مناطق قليلة في الوادي مثل بضه ولجرات وصيف يذهب أهلها للقناصة والصيد وتسمى الوعول في دوعن بالوعول المربعية وأيضا الغصيني..وهي أهم الحيوانات التي يتم اصطيادها في دوعن وحضرموت عامة.. حضرموت اليوم تسلط الضوء على عادة القناصة كموروث شعبي قديم فقط من باب التعريف بها وكيف كان يمارسها من سبقونا نجم المكلا – استطلاع – يوسف باسنبل وقت القناصة ومدة رحلتها: الوالد علي مبارك بارشيد الديني أحد الذين اكتسبوا خبرة سنين خلال سنوات خلت بعد عيش لفترة طويلة في السوط ( الهضبة ) قال أن وقت القناصة يكون في الوقت البارد حيث يلاقيهن القناصة في هذا الوقت مع الوبران ويكون الهياج في الربيع وتخرج من مخابئها وأما عن مدة القناصة فقال أن مدتها حوالي أسبوع قد يمتد إلى ثمان أو عشرة أيام وقد يعود القناصة في نفس اليوم إذا اصطادوا وعثروا على الوعول وقد تطول مدة البعض حتى يعثروا على الصيد . مراعي الصيد: تتواجد الوعول والظباء في الخليان الخالية من الناس وفي الجبال الوعرة مثل وادي دهر ورخية حيث توجد هناك ( خطمة ) شمصح حسب كلام الوالد علي بارشيد حيث تعتبر دائما خالية من الناس مع أن فيه هناك خطم وخليان أخرى لكن الأخ محمد سالم بانبيلة من أبناء منطقة فيل أحد عاشقي القناصة وممارسيها يقول أن أهم المراعي وادي انجل بروس عرمة ويعتبر الوادي المغذي للأودية الأخرى المتواجدة فيها الوعول حيث أنه منطقة وعرة وتكون فيه القناصة مشيا على الأقدام وكذلك جبال حجر ولن تنقرض فيها الوعول بسبب عدم وصول السيارات إليها لوعورتها وتعد منطقة مفتوحة ويتفرع وادي انجل إلى أودية أخرى منها وادي حريز ووادي جير وهي متصلة بجبال حجر . كيف تبدأ القناصة ؟ طرق بداية القناصة اختلفت عما كانت عليه في السابق قبل أكثر من خمسين عاما حيث كانت القناصة مشيا على الأقدام وعلى الجمال حيث حدثنا الوالد سالم سعيد بانبيلة بافيل عنها قائلا (إذا عزموا على الرحلة فغالبا ماتكون الحركة الرحلة بعد صلاة الجمعة وتكون بواسطة الجمال أو مشيا ويتم تعيين مقدم للقنيص وهو أي المقدم هو الآمر الناهي في الرحلة طبعا يكون تجمعهم لديه قبل الرحلة بعدة أيام. وقبل إنطلاق الرحلة يتجمع أبناء القرية الذين لن يذهبوا للصيد مع الأطفال والشيوخ لتوديعهم أسفل العقبة وتقرءا سورة الفاتحة والدعاء لهم بالظفر(الصيد)وتبدءا القافلة مع أعضاء الرحلة بصعود العقبة وعند بلوغهم أعلى سفح الجبل (الجول) يأتي احد فراد الرحلة ببيت من الشعر وتبدءا الزوامل والمراجيز حتى وصولهم وجهتم حتى يتم الترتيب على المجموعات وعلى كل واحد ان يأتي بقسطه من الزاد وهو عاده يكون من التمر والخبز ..ويكون راعي الجمل هو الدليل الذي يعد ضروريا في الرحلة . رحلة القنيص: محمد بانبيلة يشرح رحلة القنص التي فيها يتم أولا الكشف عن مواقع المياه في الأودية والشعاب ومواقع تواجد الوعول هذا في أول يوم وبعد صلاة الفجر يقوم المقدم بتوزيعهم بين الأودية والشعاب وتوزيع الأدوار وتقسيمهم إلى مجموعات وتسمى المجموعة الأولى أصحاب المرابي(الكمين) ويكون فيها أشد الرجال وأمهرهم في الرماية ويكون موقعهم في المتاريس(المرابي)المتواجدة على الطرق الوعرة وهي ليست بكثيرة وأما المجموعة الثانية فتسمى أصحاب الشباك وهم من اشد الرجال قوه وموقعهم يأتي بعد أصحاب المرابي بأعلى الطريق إلى الجول وبعدهم المجموعة الثالثة وهم أصحاب الظاهرة وموقعهم بعد أصحاب الشباك ويكونوا أيضا من امهر الرماة وأخيرا تأتي المجموعة الرابعة المسماة بالمناهيل ومهمتهم الاستكشاف فوق الأودية في مواقع المياه والرعي ومهمتهم تأتي بعد التأكد من أن المجموعات الأخرى قد أخذت موقعها ليأتي بعدها دورهم بالظهور فوق مواقع الماء ولهم الرماية الأولى في إطلاق النار اذا وجد الصيد أو يقوموا برمي الحجارة داخل الأودية حتى يخرج أي صيد مختبئ لتكون وجهته نحو المجموعة الأولى وعند وصوله إليهم في العرقة ( الطريق إلى الأودية ) يقوموا بالطلاق النار عليه فإذا تعداهم يأتي دور أهل الشباك الممدة على قارعة الطريق عند وصول الصيد ( طريقة الشباك لم تعد تمارس ) إليها تقوم المجموعة بشد الشباك والصيد داخلها فيتعثر الصيد فيها وإذا تعداهم يأتي دور المجموعة الثالثة وهم أهل الظاهرة وعليهم إطلاق النار عليه وبعدها تأتي الحصيلة من الصيد قد تكون أو لا تكون وإذا كان فيه صيد وعرفوا من هو الذي الشخص الذي أطلق النار عليه وأصابه تكون مكافئته بأن يحصل على الرأس فيتم سلخ جلد الرأس وتوضع على متارس البندقية . بينما لايزال الوالد سالم سعيد بافيل يتذكر بعض من الأشعار التي كانت تردد في القنص وبعضها خاص بالشباك يعرق بزامل الشباك : يالله أننا عليك نطلب الجحة سموح حاني القرنين دمه سال مابين الميوح وأيضا : سارح وأنا طالب كريم الباري دي يوخذ الحجة بلا منّية يالله عسى حجة ولاحد داري خمسة وعول قرونها محنيّة وكانت طريقة الشباك تستخدم قبل أكثر من 40 سنة لعدم وجود السلاح بكثرة لكنها اليوم تكاد مختفية العودة من القنيص: في حال الظفر بالصيد فإن مراسيم العودة تختلف عما إذا كانوا عادوا صفر اليدين حيث تكون العودة ليلا وفي السر ولكن في عندما يعودون ومهم الصيد فهم يأتون فوق البلاد وفي الصباح يظهروا فوق البلاد ويبدأ بإطلاق الرصاص ( تعشيرة والتعشيرة تعني أن ينتظموا في صفوف ويطلق كل واحد منهم الرصاص) فإذا كان معهم وعل فيضربوا تعشيرتين وإذا كان أثنين وعول فلكل واحد تعشيرتين وإذا كانت صيدة يكون لها تعشيرة واحدة ويتجمع أهل البلاد لإستقبالهم ويشاركونهم الفرحة ويتناولون وجبة الغداء في الشعب الذي خرجوا فيه وفي العصر يقام مدخل يتبارى فيه الشعراء بأشعارهم على صوت المدروف حاملين رؤوس الوعول التي صادوها أمام الحاضرين وهم عائدين إلى المنطقة مع إطلاق الرصاص بين كل خطوة وأخرى حتى يصلوا للمنطقة ويقوموا بالتعشير معلنين انتهاء الرحلة وبعضهم يقيم أمسية شعرية يتم فيها تمجيد القناصة ومدحهم . عادات القناصة بين والماضي والحاضر: العم علي بارشيد قال أن أكثر عادات القناصة ربما لاتزال عما كانت عليه في السابق لكن بعضها أختلف حيث كانوا قديما يذهبوا مشيا على الأقدام والآن يعتمدون على السيارات التي توصلهم للمراعي وكانت الرحلة سابقا تبدأ صباحا بسبب لأنهم يمشون لكن اليوم في أي وقت تغادر وكذلك الزوامل التي تردد في القنيص تكاد تكون اختفت إلا عند أصحاب بضه الذين يرددونها وهي مدونة لديهم من أجل الحفاظ عليها وأيضا أهل قيدون ومن العادات إخراج مصيب من لحم الصيد يسمى قسم الطريق يعطى لأي شخص يصادفوه في الطريق لكنها انتهت مع النصيب الآخر الذي يسمى حق المكان ( المظل ) ويعطى للأشخاص الذين يزورن القناصة في مكان تواجدهم وأيضا من العادات التي لاتزال في الذاكرة قيام القناصة حال عودتهم في الصباح مع ماقنصوه بإشعال النار ورمي الجمر بكميات كبيره حتى يعلم أهل القرية أنهم قنصوا والناس في انتظارهم منذ طلعوهم للصيد وكذلك أهل القرى الأخرى على دراية بهم . الهدف من القناصة: يتفق محمد بانبيلة وبارشيد بأن الهدف من الذهاب للقناصة هو هواية منذ زمان الآباء والأجداد وتمارس في دول أخرى مثل السعودية لذلك ليس الهدف من الصيد القضاء على الوعول النادرة أو صيدها بطريقة عشوائية وجائرة والصيد لايقام طوال السنة بل في فترات معروفة منها . ويضيف الوالد علي بارشيد الديني بأن أعداد الوعول نقصت عما كانت عليه سابقا حيث كان عددها كبير جدا إضافة لعدم وجود السلام بكثرة ولكن اليوم كثر السلاح ونقص عددهن وأصبحن لايتواجدن إلا في الأراضي الخالية بينما يقول وبحسب مايتذكر قل حوالي 20 سنة كانت الوعول تصل إلى الوادي والجبال المحيطة به واليوم اختفت لكن محمد بانبيلة بافيل يؤكد بأن الوعول العربية الأصيلة لن تنقرض خاصة من وادي انجل وجبال حجر كونها مناطق وعرة لاتصلها السيارات مما ساعد على قلة القناصة الواصلين إليها مشيا . وأخيرا: الهدف من الاستطلاع عن عادات سادت وأخذت طريقها للزوال التذكير بها وتعريف الكثيرين بها لأن أغلبنا يجهلها وستكون في قادم السنوات مجرد قصص وحكايات نسمعها من الآباء وممن عاشوا آنذاك وربما تكون (حضرموت اليوم ) شاهدة على ذلك بعد أن تم الاحتفاظ بجزء من ذلك التاريخ عن القناصة لأن هذا الاستطلاع لايعني أنه شمل كل مايتعلق بالقناصة لأنه ربما تختلف عاداتها وأسلوبها من منطقة إلى أخرى في محافظة تعتبر الأكبر من بين نظيراتها وبالتالي تتنوع وتختلف الموروثات الشعبية فيها . نقلا عن صحيفة حضرموت اليوم