وسط أجواء عيدية وفرائحية كما هنا في وادي الخير، أرض النخيل الباسق وأشجار السدر النادرة والدان والتراث والمآثر التاريخية الأزلية وادي دوعن حضرموت الذي ذاع صيته في كل أصقاع الأرض.. وادي دوعن من الناحية الجغرافية ينقسم إلى قسمين "الأيسر والأيمن" ويبلغ طوله حوالي " 90" كيلو متر ومن أهم مدنه وأكثرها شهرة "مدينة الهجرين الأثرية" موطن امرؤ القيس كما تقول بعض الروايات والأبحاث وصيف وبضة وريبون والقويرة وبلاد الماء والحجيرة وقيدون".. وأينما ذهبت وارتحلت في دوعن تقابلك أشجار النخيل والسدر وهي منتشرة في نطاق واسع وعلى الرغم من أن معظم سكان وادي دوعن يعملون في الزراعة الموسمية، إلا أن أعداداً من النخيل والسدر ليست بالقليلة قد انقرضت بفعل الجفاف والإهمال من قبل المزارعين ومن الجميل أن الدوعنيين لا زالوا جيلاً بعد جيل محافظين على تراثهم الخاص وزيهم التقليدي وهو لبس العمائم والفوط المصنوعة من القطن الفاخر في أندونيسيا وقيامهم بالزوامل والمساجلات الشعرية في كل مناسبة. ومن العادات والتقاليد التي تمارس حتى اليوم في دوعن "القناصة" وهي خروجهم إلى الجبال وصيد الوعول والغزلان والضباع في مواسم معينة وهناك رقصات واستعراضات يقوم بها القناصون عند عودتهم إلى قراهم وهم يحملون فوق أكتافهم ما ظفروا به من صيد بري.. وفي دوعن يسهم التجار والشخصيات الاجتماعية والمغتربون من أبناء دوعن بشكل غير عادي في عملية التنمية هناك، فمنهم من يبني المستشفيات حيث يوجد بوادي دوعن مستشفى بضة الخيري ومستشفى خيلة بقشان الجديد وفي جانب التعليم والمياه هناك ارتياح لدى المواطنين بفضل هذا التعاون والأعمال الخيرية. ويتمز وادي دوعن بأنه يقع بين سلسلة من الجبال الشاهقة، وأيضاً تلك الطرق الأسفلتية التي تربط جميع القرى والمناطق مع بعضها، وما إن شاهدت هذه الطرق المعبدة وهي تخترق تلك الجبال ، وقفت متذكراً كلمات الشاعر الكبير حسين أبوبكر المحضار عندما زار دوعن في إحدى المرات وأتعبته وعورة الطريق فقال "مكانيش يا حسر دوعن عسيرة حتى فلوس التاج ما قدرت توطيش" وقلت لنفسي ليت المحضار يرى دوعن كيف أصبحت اليوم والارتياح يبدو على وجوه الناس في دوعن وما ينغص حياة المواطنين هناك هو كتل من القمامة والنفايات الكيميائية السامة وانتشارها بين المدن والمناطق والتي تخلف أضراراً بالغة في الزراعة والتربة وتهدد الحرث والنسل. وفي جولة "أخبار اليوم" الاستطلاعية توجهنا إلى سوق بضة أو ما يسمى سوق الأربعاء وهذا السوق يقصده الباعة والمشترون من كل المناطق في محافظة حضرموت واليمن بشكل عام وشاهدت الناس يتهافتون إليه يقضون أغراضهم ويلتقون بأقربائهم ومحبيهم وتجولت كاميرا الصحيفة داخل السوق ورصدت زخم البيع والشراء وتنوع البضائع المعروفة فيه بين المصنوعات الجلدية والأدوات الزراعية والخضروات واللحوم البلدية.. وما شد الانتباه أكثر أولئك المتسوقين الذين يتجهون إلى شراء العسل الصافي رغم أسعاره الباهضة، حيث وصل سعر الرطل الواحد من العسل الصافي نحو "5000" ألف ريال يمني. وفي سوق بضة وجدنا أن السلاح من البضائع المعروضة للبيع في السوق ويتم بيعه كما يباع البسكويت ومنه المتوسط مثل البندقية القديمة من برانوا وبلابيك ونامسية والخفيف من مسدسات ورشاشات كلاشنكوف آلية وهي ظاهرة لم تعرفها أسواق محافظة حضرموت حتى وقت قريب ويرفضها كل من جالسناهم من أبناء حضرموت على هامش الزيارة ولا يتمنون أن تستمر أو تصل إلى الأسواق الأخرى ، لأن هذه الظاهرة لاتليق بحضرموت الثقافة والحضارة والأمن والسلام.