ايام كان الإقتتال اليمني – اليمني في صيف العام 94م على أشده والمستقبل مُلبد بالمجهول.. إلتقىينا مجموعه من حضارمة الشتات "شرق آسيا – الخليج – شرق إفريقيا" مصادفة في العاصمة السويسرية جنيف على مقهى صغير.. أمام نافورة البحيرة الشهيرة. بداء الحديث عن الحرب وما ستنتهي إليه هل ستنتصر الشرعية.. ام يخرج الحزب الاشتراكي اليمني فائزا.. وتعود دوامة التصفيات والثارات.. وترفرف البيارق الحمراء والنجمات.. وتتوقف الأفواه عن الكلام مع عُلُوْ صوت الحزب.. ويرجع الحديث عن الرموز.. والطُغمه والزمرة والخونة والعملاء وأصحاب المصالح الضيقة والشخصية.. "كُانوا" مجموعة من الحضارمة.. لكن احداً منهم لم يتحدثّ عن حضرموت ودورها في الحرب.. ومصيرها بعد الحرب.. كانت عدن مركز إهتمام الجميع.. كم كانت مزدهرة ايام الإنجليز.. وكيف ذبُلت إبان الحكم الإشتراكي.. وتصحوا وتنام بلا هويه في سنوات الوحده "90-93″.. ثُمّ بداء كل من المجتمعين يروي حكايته في "الغربه".. وعن نجاحاته أم إخفاقاته في الحصول على جنسية البلد التي يقيم فيها.. كأنما الحضرمي حينما يذهب إلي أي بلد في العالم يقضي نصف عمره بحثاً عن الجنسية.. ويعيش النصف الآخر من عمره محافظاً عليها "بلا حضرموت.. بلا وجع رأس".. ولذلك يرى الحضرمي المهاجر انّ أذرعته الفعاله هم مواطني تلك الدول التي يقيم فيها لإنهم زاده العملي "الواسطه" في الحصول على جنسية ذك البلد.. فيفقد مع الزمن الإحساس بميزة العمل الجماعي في الإطار الحضرمي.. وعدم الإعتماد على جماعته الحضارمه في مواجهة زنقات الزمن وتقلباته.. ومن هنا تكرسّ الإعتقاد لدى الحضارمة دون غيرهم بانّهم سلبيين "ما سيبي" وغير متعاونين واحياناً يملأ قلوبهم الحسد تجاه بعضهم البعض. الحضارمة المقيمون في عدن مثلهم.. مثل اقرانهم في كل مكان.. إذ كانوا موزعي الهوى بين اطياف القوى والنفوذ الجنوبيه دون أن تكون لهم مرجعيه حضرميه "كبير" يحتمون به عند الشدائد.. فكانوا في "عدن" يتوجهون إلى غير الحضارمة في قضاء شئون حياتهم.. ولذلك فلا لوم على فخامة الزعيم الجنوبي علي سالم البيض في ان يرى قوته الفاعله في غير ابناء حضرموتُ وانّ الوحده اليمنيه قوه إضافيه.. وايضاً لا عجب في ان يحيط الإحساس بدولة رئيس الوزراء حيدر العطاس في أنّ الاصلح له الإتحاد مع ابناء المناطق الجنوبيه وهو يتزعم الدعوه للحكم بإقليمين في اليمن.. بدلاً من الركون للمعونه الحضرميه.. إنها ذات الثقافة الحضرميه "الإستقواء بالغريب".. وإبعاد القريب.. والعمل بعيدا عن العزبة الحضرميه. بسبب تلك الثقافه رفع الحضارمة المتحزبون منذ ان تيمننت حضرموت في الستينات – رفعوا – الصوت عالياً.. مدوياً.. لصالح الثوره والكفاح والنضال بدلاً من إختراق مجالات الفقر والجهل والتخلف وتحويل البلاد إلى نقطه نور مضيئه بالعلم والنظام والأمن والإستقراروالتفوق الاقتصادي على مستوى العالم. يمكن القول ان تلك الفئه من الحضارمه "المستقويه بغير الحضارمه" والتي لم تتجانس مع الحضارمه.. وتلك التي كانت تبحث عن وطن بديل بدأت تعيش في مواجهه قويه مع جيل جديد من الحضارمه يجد حضوره الأكثر نفاذاً وتاثيراً من خلال التكتل الحضرمي.. "مجموعة ال10+9″..مثال. إلا ان الجيل المتُحضرم لم يجد الحيله.. بعد.. في نقل حضرميته من الجدران المُقفله إلى الهواء الطلق.. ولازال الصوت الحضرمي مخنوقاً.. يطلب من الآخرين الإنصاف.. إذ لا يمكن ان يحصل الحضارمه على نصيبٍ عادل من ثروات أرضهم إن لم تخرج اصواتهم من الجدران المقفله.. ولن يجد أبناؤنا وظائفاً في شركات النفط تحديدا إن لم تخرج اصواتهم من الجدران المُقفله.. ولن يتحسن الوضع التعليمي والصحي إن لم تخرج أصوات الحضارمة من الجدران المقفلة.. ولن تشهد تعرفه الكهرباء والمياه والضرائب إنخفاضاً إن لم تكن هناك مطالب معلنه بذلك. ولن يشاهد الحضارمة.. المكلا ام سيئون وهما تنافسان الدوحة والرياض في متانة البنية التحتية وانتشار مراكز البحوث العلمية والمنشآت الرياضية إن لم تخرج أصوات الحضارمة من الجدران المقفلة.. وستبقى شبام وتريم "قريتان" مهملتان يتحرك في ازقتهما البشر والغنم والحيوانات الضاله.. بدلاً من ان تكونا مثل قرطبه في إسبانيا والاقصر في مصر يزورهما كل عام ملايين السياح.. إن لم يعلن الحضارمة عن حضرميتهم بفخر.. ويدركون ان لهم بلداً له مكانة وشآن لكنهم تركوه فاصبح بلا شأن وإكتشف الآخرون انّ له موقعاً ذا شآن ويختزن ثروة ذات شآن تمنحُ من إستغلها شآن حتى وإن لم يُقِيموا لاهل البلد الاصليين وزناً او شآن.. فيصبح اصحاب الارض الاصليين في ارضهم متسولين للوظائف ذات الشآن. حضرموت بموقعها وتاريخها و"رؤؤس اموال" ابنائيها وسمعتهم الطيبه.. باتت مهمله وبعيده عن صناعة الأحداث لإنّ ابنائيها من قديم الزمان لم يعرفوا لها اهمية او شآن.. فصاروا – للاسف – مع الوقت بلا شآن.. ولا قارح ولا.. دُخان.