نحن شعب (بكل شرايحه ) لا يجيد إلا فن النقد وإلقاء التهم، وأنا احد أفراد هذا الشعب، وإلا لما كنت كتبت هذا المقال، فالسلطة تنتقد المعارضة وتكيل لها تهم العمالة، والتأمر، وفن صناعة الأزمات، وإشعال الفتن، والمعارضة ترد (الصاع صاعين) وتتهم السلطة بالفساد، ونهب المال العام، وإذلال الشعب وتجويعه، وتنفيذ أملاءات خارجية، والمواطنون يتهمون السلطة والمعارضة بالضحك عليهم واستغلالهم لمصالحهم الشخصية وأنهم لا يلتفتون إليهم إلا في أوقات الانتخابات (على فكرة الانتخابات قربت)، والبعض الأخر يقف في صف السلطة ضد المعارضة، وفريق ثالث يرى أن المعارضة منزهة عن كل الأخطاء ويصب جام انتقاده وغضبه على السلطة ، وما تبقى من الناس لا مع هؤلاء ولا مع هؤلاءك ويظلون يركضون خلف لقمة عيشهم (وطز بالكل). هذه الصورة ليست من نسج الخيال ولا تحتاج لذكاء ولا لشخص حصيف لكي يكتشفها، فالواقع بما فيه من المتناقضات يجعلك تقف بجلاء على حقيقة هذا الوضع الذي نعيشه، فقط لو أخذت صحف يوم واحد (صحف حكومية وصحف معارضة) ستجد صدق ما أقوله، فمعظم ما ينشر فيها عبارة عن كيل تهم وشطحات وكتابات تضاعف الهموم وتخلق حالة إحباط ، وتنظير ، وانتقادات، وشتائم ، وتظل بكثير من الدهشة تتساءل عن المهنية الصحفية وعن دور السلطة الرابعة في تعضيد المجتمع والعمل من اجله. ولو صعدت حافلة نقل عامة ستشعر بان الجميع يشكو وينتقد ويشتم ويلعن الوضع ، والذي أوصلنا إلى هذا الوضع ، وكلاً يلقي بالمسئولية على (الشعب اليمني) فهم الذي أوصلونا لهذا الوضع وينسي الجميع في معمعة هذا التشنج والنخيط أنهم احد أفراد هذا الشعب الذي يصفوه بأقذع الألفاظ ، ومن يسمعهم وهم يرددون بصوت عالي (ايش نسوي شعب يمني يستأهل بال.....) يظن بان المتحدث جاء من كوكب المريخ. الرئيس يشكو وينتقد الفساد والمفسدين، والوزير يشكو وينتقد التدخلات والضغوطات التي تمارس عليه ، البرلماني يشكو من عدم قدرته على تقديم أي خدمات لمواطنيه ، والقاضي ينتقد ويشكو عدم استقلاليته ، والتاجر ينتقد و يشكو من الغلاء ، وكبار المسئولين يشكون وينتقدون شظف العيش والحياة البائسة ، ويأتي دور المواطن في الأخير ليشكو من هؤلاء جميعاً ، وينتقد هؤلاء جميعاً ، إذاً ألسنا شعب لا يجيد إلا فن النقد والشكوى وكيل التهم وغير ذلك لا شيء.
قبل الرحيل : (( حديث عابر سرق سمعي في الطريق .... قلبه كالصخر لا يفتقد أحدا، هل حقا لا يفتقد الصخر أحدا؟؟؟ ُرى عندما يعطش الصخر ويتشقق من الجفاف ألا يشعر بالحنين إلى سريان الماء المنساب فينساب وينساب شريان الحياة حتى يتمكن من الصخر ويفتته ؟ هل شوق الصخر إلى الارتواء وافتقاده إلى الماء لا يفقد حرصه على جبروته؟ هل حقا لا يفتقد الصخر أحدا؟))