لا شك أن خدمات البريد قد قفزت قفزات كبيرة، إلا أن السؤال المشروع هو: بأي اتجاه هذه القفزات؟ هل هي للأمام أم للخلف؟ لقد اعتقدت الحكومة مخطئة– كالمعتاد- أنها تسدي خدمة عظيمة وجليلة للمواطن المسكين الغلبان عندما (تسهل) له عملية دفع فواتير الكهرباء والماء والتلفون الثابت والسيار وغيرها من الخدمات، إلا أنها في الحقيقة (عقدت) الأمور بدلاً من أن (تسهلها) فانطبق عليها المثل القائل: (جا يكحلها عماها)!! قام صديق لي بدفع فاتورة الكهرباء قبل موعدها بعدة أيام تجنباً لقطع الكهرباء عن محله، فالمحل يحتوي عدداً من الثلاجات التي تحتوي على مواد غذائية قابلة للتلف. وقام صديقي هذا بالتسديد عبر البريد، وكانت هذه هي الغلطة التي ندم عليها أشد الندم..! فعلى الرغم من اطمئنانه الكامل أنه قد قام بتسديد الفاتورة إلا أنه فوجئ في يومنا هذا الخميس أن عسكر الجن، أو موظفي الكهرباء، قد قاموا بفصل التيار عن المحل الذي سدد فاتورته، والسبب في ذلك- من وجهة نظرهم- أنهم لم يبلغوا من قبل البريد بتسديد الفاتورة!! ولما علم صديقي بما حدث، ذهب إلى المنطقة الأولى التي يتبعها محله، وعلى الرغم من اعتراف نائب مدير المنطقة بالخطأ إلا أنه أبلغه بكل برود أنه لا يستطيع أن يفعل شيئاً..! ومتى كان أي مسئول في حكومة المؤتمر يستطيع أن يفعل شيئا؟ وكان همهم الأول أن يجعلوا صديقي يدفع 500 ريال أجور إعادة الخط!! حاول أن يفهمهم أنه لم يتأخر في دفع الفاتورة وأن الخطأ خطأهم كما اعترفوا بأنفسهم إلا أنهم أفهموه أن (النظام) لا يفهم إلا (الدفع)، ودفع صديقي (الغرامة) ما دامت بوصل رسمي، إلا أن نائب المدير أبلغه أنه لا يستطيع إعادة التيار إلا يوم السبت– رغم استلامه لرسوم إعادة الخط!! وبعد أخذ ورد، ونظراً لدقة الموقف وضرورة إعادة التيار حتى لا تتلف المواد، قرر نائب المدير إحالة الأمر إلى (الطوارئ)، إلا أن (الطوارئ) أكدت أن هذا لا يدخل في مجال عملها!! وبقي صديقي حائراً يروح ويجيء ويناقش ويجادل إلى أن غمزه أحد موظفي الطوارئ أن (يحرك الأمور)، وبالفعل قام صديقي بدفع (حق القات) أو (حق الإمام) فعادت الكهرباء إلى محله بقدرة قادر!! لذلك فأنا أدعو الجميع إلى توخي الدقة والحذر وعدم الدفع عبر البريد لأن الجهات المعنية قد لا تكون على علم بأنه دفع الفاتورة. قد يرى البعض أن (عوض العسلي) قد أصابه الجنون، فبدلاً عن الحديث عن قضايا الساعة وأهمها قضية تعديل قانون الانتخابات وتشكيل اللجنة، إلا أنني ما زلت أعتبر هذه القضايا قضايا (صراع على السلطة) وكل ما يهمني أنا كمواطن هو أن تكون هذه السلطة التي يتقاتل عليها الحاكم والمعارضة سلطة تحترم المواطن وتؤمن له حياة كريمة وحداً أدنى من الخدمات الإنسانية كالماء والكهرباء والهاتف بشكل يليق به وإلا فتباً للطرفين، من حاكم ومعارضة! وأخيراً، بلغني من صديق مقرب لي أن فخامة الرئيس بنفسه وشخصياً يدخل مواقع الإنترنت ويقرأ ما فيها، وهنا أتساءل: ماذا لو قرأ فخامة الرئيس هذا الموضوع؟! ما هو إحساسه ساعتها؟ الغضب؟ الحزن؟ الإحباط؟ أم سيضحك وينتقل إلى موقع آخر؟ أنا لا أعلم.. فهل تعلمون؟