على ناصية الشارع يقف بقامته السامقة معتدا بنفسه, يصارع بؤس الحياة وغلاء المعيشة, نساء بألوان اجتماعية وسياسية وثقافية وتعليمية وفكرية مختلفة هدفهن واحد و لون واحد وخمار واحد, مجاميع هائلة من كل حدب وصوب, صغارا وكبارا, مهمشون وأغنياء, متسولات وعجائز, ملتزمات وفنانات, كاتبات قصة وشاعرات, ناشطات في مجال حقوق الحقوق الإنسان وإعلاميات, من على مسافة غير قصيرة يلوح بكلتا يديه (لثمة الشامل.. الشامل لثمة.. الجديد يا بنات لثمة الياقوت, الجديد يا بنات خمار الفراشة). من أقصى المدينة قدمن إليه في مكانه الكائن وسط شارع 26 سبتمبر بتعز (المشهور بشارع الحب), يتابعن ما خرجت به محلات الخياطة والتطريز في عالم الخمار من أشكال وأسماء وتصاميم, فهناك (أبو فتحة) و (أبو فتحتين) و (أبو طبقة) و(أبو طبقتين) وهناك الشفاف وهناك المعتم وهناك ما يسمح بنفاذ الضوء وهناك من يكتم النفس فلا يدع مجالا لاستنشاق الهواء. وفي مساواة مطلقة أمام الخمار لا فرق بين نساء الإصلاح ونساء الاشتراكي والناصري والبعث والمستقلين, الجميع على قلب خمار واحد, وحده فقط عبد الله عبده الشرعبي – 30 عاما – أب لثلاثة أطفال الحاكم المطاع في سوق الخمار بتعز, كل هؤلاء المختلفات تحت إمرته سمعا وطاعة, حيث لا منافس له في مهنته, ولا راد لبضاعته ومع ذلك تجده يمني نفسه أن يجد مهنة أخرى غير مهنته تلك التي يعمل بها منذ ست سنوات, يقول: هذه المهنة غير مربحة في السنوات الأخيرة بعد تزايد انتشار المحجبات (الكاشفات) في المدينة. التقيت الشرعبي تحت لحيف الشمس الحارقة وسط مدينة تعز في محاولة لتسليط الضوء على أشخاص يؤثرون في حياتنا بطريقتهم وهم في العتمة: * كم خمار تبيع في اليوم؟ 15- 16 خمار فقط. *كم تظل هنا في وسط الشارع واقفا؟ طوال اليوم. *كم تكسب في اليوم؟ تقريبا 500 ريال فقط. *هل تحب مهنتك؟ لا.. ولكن ما باليد حيلة. *وهل يكفي ما تكسبه لمواجهة غلاء المعيشة؟ طبعا لا. *كيف هو الإقبال على شراء الخمار زاد أم قل في السنوات الأخيرة؟ اعتقد الإقبال قليل. *ليش؟ في كثير من البنات وبالذات الفتيات بدان يكشفن عن وجوههن كنوع من الموضة. *وهل تعتقد أن السنوات القادمة سيكون الإقبال اكبر أم سيقل؟ أكيد سيكون اكبر. *ما هي الأعمار التي تقبل على شراء الخمار؟ ما فوق سبع سنوات. *النساء فقط من تأتي لشراء الخمار؟ لا طبعا، هناك أباء يشتروا الخمار لبناتهم الصغار اللي يحبوا يقلدوا الكبار مثلا أمس جاء أب يشتري لبناته في المدرسة الأربع خمارات لأنهن يردن تقليد أخواتهن الكبار. *أفضل الأنواع؟ الياقوت طبعا. *هل لديك ألوان أخرى غير الأسود؟ لا.. النساء يفضلن اللون الأسود فقط. *برأيك لماذا؟ اعتقد هذا موجود في التراث والشاعر يقول: قولوا لذات الخمار الأسود... ماذا فعلت بناسك متعبد *هل تعتقد أن الخمار عادة أم هو التزام ديني؟ لا أبدا.. هو فقط مصدر جاذبية وجمال للمرأة. *الأوقات التي يكون فيها الإقبال اكبر على شراء الخمار؟ طبعا الإقبال يزيد في الأعياد والمناسبات. *ما هي الجنسيات العربية الأكثر إقبالا على الشراء؟ الصوماليات أكثر وكثير من الصوماليين يستوردوا الخمار من اليمن. *وماذا عن الأجانب والسياح؟ بعض السياح يشتري النقاب للذكرى وبعض السائحات يلبسن الخمار لدقائق من اجل التصوير فقط.