كيف أسطر كلماتي وقد تلوثت بدماء الشهداء الأبرياء في العالم العربي، وأصبحت عاجزة عن التعبير بما يجيش في خاطري.. لقد أصبت بإحباط شديد جعلني أنطوى على نفسي لفترة زمنية قاسية؟ أن الأحداث الراهنة بين الفصائل الفلسطينية في فلسطين الحبيبة أدمت خاطري بسقوط العديد من المفاهيم العقلانية في مستنقع الاقتتال الداخلي بين الأشقاء– مما أدى إلى تقسيم الشعب الفلسطيني بين وحدتين سياسيتين بعد ما قامت به من حسم عسكري- إن صح القول- بين الفلسطينيين أنفسهم، وكل فصيل يتهم الآخر بالخيانة والعمالة..!! واعتقد إن تلك الاتهامات بين الفصائل عذر أقبح من ذنب، فلقد كنا نحلم بتحرير فلسطين في اقرب فرصة ممكنة ولكن الآن ضاعت أحلامنا من أجل تحرير فلسطين إلى أن أصبحت مواجهة الحالة المأساوية لشعب غزة والحصار الجائر الذي تضعه ساساتهم موضع الرهينة التي تنشر آلامها ومأساتها على العالم، حيث لا يجد الأطفال الرضع حضانات كافية ولا مواد غذائية، أليس حرام ولمن مصلحة من؟ إن تلك الأحداث قد انطوت عليها دلالات في غاية الخطورة وتنذر إن لم يتم وأدها في مهدها بان استمرارها يكرس الفتن ويوقظ الأحقاد الدفينة التي اندثرت مع أيام مضت، وأن إيقاظها خطر داهم يوسع الفجوة المغروسة في العقل الباطن. ما يحدث في غزة الآن وصمة عار على الأمة العربية بشكل عام وعلى الشعب الفلسطيني بشكل خاص، فالمسئولية في الأساس تقع على عاتق الفلسطينيين أنفسهم، إذ لو أن هناك ذرة حب لبلدهم كانوا هم الأسبق في حل مشاكلهم السياسية دون الرجوع إلى جامعة الدول العربية، خاصة وقد بادرت العديد من الدول العربية لتقريب وجهات النظر الفلسطينية ومنها اليمن* فقد بذل الرئيس على عبد الله صالح جهودا فائقة من أجل إنقاذ الشعب الفلسطيني ولم يترك باباً إلا وطرقه من أجل المصالحة بفتح باب الحوار بين الفصائل الفلسطينية، وبذل قدراًً كبيراً من وقته وجهده إلا إنهم عندما عادوا رموا كل الاتقافيات والوساطات في مستنقع الاقتتال؟ لقد وصل الاقتتال في بعض الدول العربية إلى حد البربري الهمجي بين أبناء شعب واحد ودين واحد، وتم إزهاق الأرواح بطرق مبتكرة لم تشهدها حروب المغول. القتل باسم الله، والله سبحانه وتعالى برئ منهم جميعا ((إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار)).. هل هذه أمة الرسول الكريم التي تستحق الشفاعة والدعاء لله يوم القيامة!؟ ورغم ذلك يعتبر كل طرف قتلاهم الشهداء يدخلون الجنة, وقتلى الطرف الآخر أعداء يدخلون النار.. للأسف الشديد هناك من يلهب النار ويشعلها. هل الديمقراطية التي ندعى بها تدفعنا إلى القضاء على كل بسمة طفل وحرمانه من أبويه وقتل الأبرياء في سبيل أغراضهم السياسية والحفاظ على كراسي المناصب أو الكراسي الهزازة؟ لقد ازدادت المعارك بين الأشقاء سواء أكانت خفية أو ظاهرة؟ فنيران الحروب تقترب وتشتعل في الدول المجاورة لنا.. لقد ازداد وانفجر لهيب النار الطائفي في العراق الحبيبة، وما هي إلا حرب دامية لا تتوقف بين السنة والشيعة، فهل هي حرب سياسية من أجل السلطة والنفوذ والثروة أم أنها حرب بما يسمى الآن بالحروب الدينية؟ هل هي ثمار الديمقراطية التي جاءت بها أمريكا إلى العراق ووعود بوش الكاذبة بأنه سوف يجعل العراق جنة تهب منها نسائم الحرية إلى سائر دول المنطقة..!؟ ماذا جرى، لست أدرى، لقد وصل الاقتتال إلى شل بسمة الطفل البرئ والقضاء على الأجيال القادمة الذين هم عماد الوطن.! إن تلك الحروب الهمجية بين أبناء الشعب الواحد والديانة الواحدة دفعت العديد من الشباب للاتجاه دون وعى أو إدراك إلى تبني مفاهيم مغلوطة باسم الدين, فقد أصبحنا نستخدم القتل باسم الله, والله سبحانه وتعالى برئ منه. هل وراء ذلك المصطلح المستمد بالديمقراطية؟ هل الديمقراطية تدفعك أن تطلق الرصاص على ابن بلدك حتى تنعم بنسائم الحرية حسب اعتقادك ومفهومك الأعوج؟ لا وألف لا, فالديمقراطية ما هي إلا نار حارقة تحرق عقولنا، ومستنقع لإثارة الفتن وإشعال الحقد والغل في نفوس البشر. فهناك أحداث لبنان المفجعة التي لا تهدأ منذ اغتيال الحريري وحتى الآن. إنها أحداث مؤسفة تنطوي على دلالات في غاية الخطورة وتنذر إن لم يتم وأدها في مهدها بتكريس الفتنة الطائفية في إطار المخططات التي تستهدف القضاء على الهوية العربية وتشتيتها وتقسيمها بدويلات صغيرة والدخول في صراعات حدودية؟ إن الفتن الداخلية تفشت بشكل يعجز العقل عن تحديدها وامتدت إلى كافة الدول العربية التي سمحت للتدخل الأجنبي بوضع أطروحات وتغير الأنظمة نحو الديمقراطية والانغماس في شئوننا الداخلية والتي اعتبرها هي الشرارة الأولى لنشر رائحة البارود المعتق بنزيف الدماء. لقد انتهكت كل القيم الدينية والإنسانية والأخلاقية في سبيل المصالح الشخصية واعتلاء المراكز السياسية بدماء الأطفال والنساء والشباب. العالم العربي يحترق بنار ملتهبة دائرة ونحن منغمسون في جمع الأموال وبناء القصور وشراء السيارات الفارهة وقضاء الليالي الحمراء للتخفيف عن عجزنا لحل تلك القضايا الشائكة التي صنعت بأيدينا بجهلنا لحل المشاكل بشكل جذري من بدايتها، وجعلنا الفساد يسير والمتسلقون السياسيون يتشبثوا بتلك المناصب التي تدر عليهم الأموال الطائلة دون النظر إلى أبناء الشعب الجائع والى الطبقات المهمشة والمثقفة التي يمكن أن اعتمد عليهما ما كان الذي كان حصل. النار تقترب منا، ولكن لا يجب أبدا أن نسمح لها أن تسير أو تقطع حدودنا، فأمن الوطن أمانة في عنق كل يمنى شريف فالديمقراطية يجب أن تحمى نفسها من أعداء الديمقراطية. واكرر القول وأقول: أين الصحوة!؟ لذا أقول أين الصحوة؟ وأين الضمير الحي لإخماد نيران الفتن الداخلية حتى لا تتكاثر ويصعب حلها بشكل جذري؟ فيكفى النماذج السابقة من الأقطار العربية. إننا بحاجة إلى صحوة ومحاسبة ذاتية ومصالحة مع النفس ونسيان الماضي، فنحن أبناء الوطن أيضا يجب أن نصحو من غفوتنا! ينبغي الحماية من النفس الأمارة بالسوء والتصدي لسرعة الأمواج والدوامات البحرية التي تغرق أصحابها وهم في نشوة الإبحار وتصطادهم اسماك القرش الجائعة, وان نقف وقفة جادة بجدية التشخيص الحقيقي للقضاء على الواقع المتردي في بلدنا وفي كل بلد عربي أصيل بأبنائه الشرفاء وذلك لدعم الوحدة الوطنية والدفاع بكل قوة ضد كل نفس ضعيفة هان عليها بلدها لحفنة من النقود تحت تسميات معروفة. وهنا أقول يجب أن نلمٌ الشمل ونوقف نزيف الجرح الدامي والمصالحة والتسامح بمصداقية صافية، ونبدأ صفحة بيضاء ونمد أيادينا ونتفق على دعم الوحدة الوطنية وان نساعد بعضنا البعض ولا نسمح لأي طرف الدخول والغوص في آثار الفتن ونشرها وتأجيج المشاعر ضد بعضنا البعض ولا نجعل أيضا المادة تهز أطماعنا الذاتية وحتى لا نقع تحت الاقتتال الداخلي وتقسيم البلد إلى دويلات إذا استمرت الفتن تشتعل تحت رداء الديمقراطية على حساب وحدة وسلامة الوطن. وأهمس إلى كل يمنى وعربي: لا تتفاءلوا بفوز أوباما، ولا تضعوا الأمل بأن الإدارة الأمريكية الجديدة سوف تصنع المعجزات تجاه الوضع الحالي في الشرق الأوسط؟ بعد ثمان سنوات من الحروب والسياسيات الخاطئة التي جلبها المتهور المدلل بوش السياسة الأمريكية لم ولن تتغير، فلقد خططت منذ سنوات مضت لأنها من ضمن خططهم الألفية وليس الخمسية.. فالأماني شئ وتحقيقها شئ أخر، ولا يمكن أن نعلق مصير العالم على حكمة شخص واحد أو رئيس واحد مهما جمع حوله من المستشارين. يجب علينا نحن أبناء اليمن الشرفاء اليقظة والحذر من السقوط إلى الهاوية حتى لا نندم ونصبح دمية في أيدي الآخرين..! وأخيرا أقول واكرر: تحابوا فالمحبة تزيل الأحقاد والضغينة.