عندما يؤكد الرئيس علي عبدالله صالح أن اليمن عامل مهم في أمن واستقرار الجزيرة العربية والخليج وأنها من عوامل استقرار الوطن العربي.. وعندما يؤكد أيضا أنها تمثل إنجازاً قومياً تاريخياً وعامل إسناد قوي للأمة في مواجهة التحديات التي يفرضها عليها أعداؤها أياً كانوا، فإنه يؤكد ثوابت سياسية يؤكدها الواقع وطبيعة الصراع في المنطقة وحاجاتها المستقبلية، بل إن الوحدة في ظل التحولات العالمية جعلها من العوامل المهمة الحافظة والداعمة للسلم والأمن العالميين. وقد أظهرت الأحداث الأخيرة في اليمن مع بروز خطاب تخريبي يدعو للانفصال ومواقف الدول الإقليمية والولايات المتحدةالأمريكية والاتحاد الأوروبي والمجتمع المدني العربي والمثقفين العرب، أن الوحدة ليست خيارا محسوما بالنسبة لليمنيين فحسب بل إنها أصبحت حقيقة ثابتة لا يمكن تجاوزها بالنسبة للعرب وهي مصلحة نافعة للمنظومة الدولية وهي لدى الشعب العربي أمل يجسد حلمهم الكبير بالوحدة العربية. لذا فإن الدعوات المناهضة لها وبأي صورة تجلت أصبحت منبوذة عربيا ودوليا ومعزولة عن واقعها ومحاصرة في زوايا ضيقة ومخنوقة في أوهام صنعتها الأنانية المؤسسة على عنصرية مقيتة، وأصحابها يتحركون في ظلام الشر المنبعث من ثقافة الكراهية التي نسجوها في مقولات متخلفة متناقضة مع حاجات الناس وواقعهم التاريخي ومع تحولات اللحظة الراهنة الباحثة عن مستقبل أكثر عدالة وأمنا وتقدما. والخلاصة أن الوحدة أصبحت من الثوابت الأساسية للأمن القومي العربي وهي عامل مهم في تأمين أمن الممرات المائية وفي مواجهة الإرهاب وفي صد محاولات الاختراقات التي تمارسها الدول المتطرفة في المنطقة لزعزعة أمن العرب والأمن العالمي. وهذا يعني أن اليمن في المراحل القادمة سيكون قادرا على تحقيق النهوض الداخلي وسيكون الخارج قوة مساندة وداعمة للطموحات الداخلية في تحقيق الدولة المدنية الحاملة للمشروع الاقتصادي الحر. وهذا يتطلب أن يتمكن المجتمع من تحويل السياسة إلى أداة خادمة للمشروع الاقتصادي لا العكس، فالنهوض الاقتصادي مهم جدا في المرحلة القادمة وهذا يتطلب دولة قوية ومجتمعاً مسانداً لصانع القرار في مواجهة التخريب والفساد. وتنمية الثروة هي الحل لمشاكلنا، فالأزمات السياسية المتلاحقة والصراع الاجتماعي ليس إلا نتاجاً لندرة الموارد ونتاجاً لضعف الاقتصاد، فاليمن دولة مستهلكة وسكانها ينمون بوتيرة عالية، وفي المقابل فالمجتمع غير خالق للثروة ف95% من صادراتها نفطية، كما أن أغلب قوى المجتمع تعتمد على الدولة لتحقيق طموحاتها وهذا جعل الصراع حادا عليها. اليمن بحاجة إلى الأمن والاستقرار حتى يتمكن المجتمع من صناعة التقدم وهذا يتطلب في المرحلة القادمة معالجة الإشكالات المختلفة التي يعاني منها الواقع ويمثل الحوار بين كافة القوى المختلفة تحت المظلة الرئاسية من المداخل المهمة حتى يتمكن أبناء اليمن من إعادة بناء المشروع الوطني بصورة جديدة تتلاءم وواقع التحولات الداخلية والخارجية وحتى يتمكنوا من حل مشاكلهم بلغة السلم والمصلحة العاقلة والواقعية. وهنا نشير أن بعض القوى السياسية المهمومة بمصالحها تتعامل مع دعوة رئيس الجمهورية للحوار بطريقة فوضوية وتدفع بالبلاد إلى الصراع لأنها ترى في الصراع والقتال طريقاً لهيمنتها وفرض سيطرتها وربما تحلم بالهيمنة من خلال الفوضى. إن خلق تكوينات متعددة للحوار من قبل القوى المختلفة في البلاد ومحاولة استباق الحوار الوطني الشامل الذي دعا إليه الرئيس دليل أن البعض ليس مهموما بمصالح الناس وبالأمن والاستقرار وهمه الأكبر مصالحه الذاتية والحزبية والفئوية. خاتمة: في كل مرحلة مفصلية يثبت المشترك أنه يمارس السياسة بالعناد والعنترة وسيلان التصريحات النارية وتحكمه فلسفة حبتي أو الديك، مشكلة المشترك أنه غارق في أزمة ذاتية صنعتها فكرة محورية جوهرها أنه تحول إلى حاضنة لصناعة الرموز متجاوزا أهدافه التي أسس لها الشهيد جارالله عمر.