اشتدت عاصفة الانقلابات في صفوف دعاة تشطير اليمن، ليتوجها أخيراً أشهر رجال استخبارات علي سالم البيض، بإعلان الانقلاب على سيده، وتزعم حملة التحريض ضده في الداخل، فيما واصلت تكوينات "الحراك" في مختلف المحافظات اليمنية الجنوبية تشظيها على نحو غير مسبوق، مدحرجة رؤوس الفتنة واحداً تلو الآخر.. فبعد يوم واحد من اشتباك بالأيدي بين أنصار "نجاح" و"المجلس الوطني" داخل خيمة عزاء محمد الجحافي- أحد قتلى الحراك- في الضالع، فجر عبده النقيب، أحد كبار رجال الاستخبارات الجنوبية اللاجيء في بريطانيا، الحرب ضد علي سالم البيض داخل نفس خيمة العزاء، وباتصال هاتفي تم بثه عبر مكبرات الصوت. ودعا النقيب جموع الحاضرين من عناصر الحراك إلى عدم تصديق علي سالم البيض، وعدم الأخذ بما يقوله في خطاباته وتصريحاته كونه "شخص كذاب"، وقال: أن "البيض تاجر، ولا يهمه سوى من يدفع له أكثر"، وأنه "خادم للسلطة، ويسعى للقضاء على القضية الجنوبية"- طبقاً لشبكة أخبار الجنوب. وأضاف المصدر: أنه في الوقت الذي تفاعل عدد كبير من الحاضرين مع الاتصال، وضموا أصواتهم إلى صوت النقيب، إنشق قسم آخر من الحاضرين، رافضين ما اورده النقيب جملة وتفصيلا.. ومن أجل إغاضته والمؤيدين له، ردد بعض الحاضرين زاملاً يقول: ((البيض والعطاس با يرجع ... غصباً وبا يرجع علي ناصر)) ونتيجة لانشقاق الحاضرين في خيمة العزاء، ساد اللغط، واستعرت الخلافات، وكاد الفرقاء أن يشتبكوا بالأيادي على غرار ما شهدته نفس الخيمة في اليوم السابق، غير أن أنصار النقيب فضلوا الانصراف من الخيمة، فغادروها ولم يتبق فيها سوى أقل من ربع من كانوا فيها.. وتؤكد مصادر "نبأ نيوز" في لندن: أن دائرة إنشقاق القيادات الانفصالية الملتفة حول البيض آخذة بالاتساع على نحو مثير للدهشة، مرجعة ذلك إلى سببين أولهما تخبط البيض واعتماده على مشورات "غبية"- على حد وصفها- وثانيهما الخلافات على المال "المنهوب من الجنوب"، ومطالبة هذه القيادات بحصصها منه، وإعرابها عن الاستياء من تخلي "البيض" عنها طوال السنوات الماضية، وظهوره المفاجيء "لجني ثمار الحراك"، في نفس الوقت الذي يرفض مشاركة "رفاق دربه" بما جناه أبان خسارة حرب 1994م. كما تؤكد المصادر: أن انقلاب النقيب جاء بعد شجار حاد نشب بينه وبين "البيض" حول النقطتين الآنفتي الذكر، غير أنها تشك بوجود يد لرجل الأعمال الثري الشيخ أحمد بن فريد الصريمه في تأليب "القيادات الجنوبية" على البيض، واستمالتها بالمال "انتقاماً من البيض"، إثر تأجج الخلافات بينهما. قيادات في الحراك بالداخل، قالت ل"نبأ نيوز": أن موقف "النقيب" يأتي متماشياً مع موقف الحراك في مدينته (جحاف)، والذين يرفضون الاعتراف ب"المجلس الأعلى للنضال السلمي الجنوبي" الذي يتزعمه "البيض"، منوهين الى مدى الثقل الذي يحتله أبناء جحاف في الحراك.
هذا وعرف عبده النقيب بأنه رجل استخبارات معروف في الشطر الجنوبي سابقاً، وقد بنى ثروة طائلة من التجارة باسم الأعمال الخيرية، ويعتبر أبرز أقطاب الضالع في "تاج" الانفصالية في لندن.. وسبق أن أوكلت إليه عدة مهام لتسوية خلافات أقطاب الحراك في الضالع، بينها مهمة التوفيق بين شلال علي شايع وصلاح الشنفرة بالضالع من أجل تشكيل هيئة النضال السلمي. وفي إحدى جلسات النقاش حول أوضاع الضالع، وصف شلال علي شايع والشنفرة بأنهما: (أطفال الحراك السلمي)..! وعلى صعيد آخر، وبعد انشقاق حراك الضالع الى جبهتين، بين من يروج لمشروع "الجنوب العربي"، وجبهة أخرى تروج لمشروع "اليمن الجنوبي الديمقراطي"، شهدت الضالع بعد عصر أمس محاولة إنقلاب جديدة ضد شلال علي شايع، وعقد إجتماعاً لتأسيس تنظيم جديد، غير أن "شلال" فاجأ المجتمعين بحضور اجتماعهم، وحاول إقناع الحاضرين في تأجيل الاجتماع، وإعطائه فرصة، واعداً إياهم بان يقوم بارضائهم والتوفيق بين الرؤى. وفيما قبل البعض كلامه، وانصاعوا له، إلا أن الاغلبية رفضوه رفضا قاطعاً، وهددوا بانهم سوف يعلنون انضمامهم إلى تنظيم العميد ناصر النوبة، في حال عدم انعقاد الاجتماع، الذي نجح شلال علي شايع فعلا في افشاله، وسط توقعات قوية بأن يعلن لفيف من أنصاره انضمامهم إلى "خصمه" العميد النوبه. وتتواصل الانقلابات على مختلف الجبهات في أوساط الحراك الانفصالي، إذ أن أمين صالح- نائب رئيس المجلس الوطني لتحرير الجنوب، والمستشار السياسي ل حسن باعوم- جدد تأكيده أمس بأن قرار تشكيل ما يسمى ب"مجلس قيادة الثورة السلمي" ما هو إلا التفاف على قضية الجنوب، وانه عمل هدام وغير شرعي، ويهدف الى زعزعة الحوار الجنوبي، وخلط الاوراق ما بين سلاطين، وعملاء، ورجعيين، وقاعدة، وغيرهم، لتغيب الرؤية وتنهار القضية..! ويأتي تصريح أمين صالح ككأول اعتراف صريح من قبل قيادات الحراك الانفصالي بوجود عناصر تنظيم القاعدة في أوساط مكونات الحراك.. وهو ما كان الحراك يرفض الحديث عنه، غير أن تصريحات القاعدة المتكررة، والتقارير الأمنية وضعتهم أمام الأمر الواقع، ولم يعد أحد منهم قادر على نكران تحالف القاعدة مع الحراك الانفصالي، وهو ما يفسر استخدام "نبأ نيوز" لعبارة "الحراك القاعدي".