لقد مرت عبر تاريخ اليمن المعاصر أحداث متلاحقة ومتتابعة وأزمات ما أن تنطفئ هنا إلا وظهرت هناك. منذ قيام الثورتين سبتمبر وأكتوبر المجيدتين واليمن لم يستقر حاله أو يتنفس نسيم حريته واستقلاله، وفي كل مرة تعقب سابقتها ضراوة وشدة وأكثر إيلاماً ولم نجد ممن صنعوها كلمة ولو لجبر خاطر هذا الوطن المغدور من أبناءه الذي جعلوا من أنفسهم أوصياء عليه وهم للأسف فاقدي الأهلية لكلمة (إلا الوطن)! الوطن يستغيث ويستنجد بهم لإخراج سموم حقدهم وخناجرهم الذي غاصت في كينوناته. نعم منذَ إندحار الإمامة البغيضة وجلاء المحتل الإنجليزي الاستعماري الخبيث ما أن أهتدى المواطن إلى ينبوع الماء الصافي والهواء النقي لكي يروي عطشه الظامي حتى بدأت خناجر ورياح السموم في الفتك والتنكيل به بين رفاق السلاح ليس لشئ يخدم الوطن أو يقوي أعمدته وينمي من مقدراته وينهض الهمم في أجياله لأجل البناء والتحديث وتأسيس قواعد وصرح الوطن الحديث المتطور بمنهجية وتخطيط وبأسلوب يخرجه من براثين الجهل والتخلف، وإنما لأجل حب الانتقام وفرض مشاريع هدامة فكرياً وعقائدياً لم يكن حينها وهي الفرصة السانحة في رسم خطوط المستقبل الممزوج بروح التفاني في رفع شأنه وتقدمه وتطوره..
لم يجد الوطن في حينه من يقول (إلا الوطن)..! كان الأخوة الرفاق يقاتلون من أجل تغيير الهوية وانقلاب على العقل والفكر والعقيدة لم يستوردوا لنا فكرا ولا نظريات لكي ينهضوا بالأمة ولكن لهدم الأخلاق والذوق العام وفي طمس الهوية وفي زرع الفتن والانغلاق على الشعب في زاوية ضيقة لا يكاد أحدهم يشاهد أو يفكر إلا من خلال الرفيق والحزب ومقولة (لا صوت يعلو فوق صوت الحزب)!
تعاقبت أحداث دامية داخل أصحاب الفكر كما كان ظاهرا وفي حينها لم نجد منهم من تفوه بكلمة يقول فيها (إلا الوطن ) تشعبت وتشتت أفكارهم بين فار من وجه العدالة ومجرم حاكم نصب نفسه قاضي على أفعاله وإجرامه حتى ظهر من يقول في ساعة مباركة (إلا الوطن)وفرحة عارمة من أقصى اليمن إلى أقصاه.. نعم نحن نقولها بالفم المليان وحان قولها بدون خوف أو وجل من عصابات الفجر أو من غيابة الجب أو من أنظمة الانقلابات العسكرية والاغتيالات بأحدث الوسائل دهاءاً ومكرا,,, نعم..بكلمة مجلجلة قوية تداعت لها الأمم والشعوب.. نعم.. قلناها نحن الشعب وليس أحد غيرنا من قالها وتمت الوحدة المباركة.
ومن هنا بدأ الشعب يقول كلمته دائما وفي كل محطات أزماته (إلا الوطن) ومثلما وقف في وجه المحتل وفي وجه الإمامة ومن بعدهم الانفصاليين الذي ذهبوا بدون رجعة هاهو يقولها مرة أخرى بل وسوف يقولها مرات عديدة (إلا الوطن) في وجه دعاة الانفصال الجدد والحوثيين الإماميين والقاعديين الإرهابيين وسوف يقولها ويقولها مرات ومرات في وجه الفاسدين والخونة وعلى باسطي وناهبي الثروة الوطنية..
لقد شب الشعب وأصبح حر نفسه وليس لمن يدعي الوصاية عليه مكانة أو موطأ قدم في ساحته وسوف يقذف بهم خارج أسواره وفي حاويات نفاياته ويرمي بهم في مزبلة التاريخ والزمن لن يعود إلى الخلف والقطار يسير وأمراض العقول في مصحاتهم العقلية تصيح. فلا عودة إلى مخلفات التاريخ ومن أراد الوقوف بكل صدق وقوة وعزة وإباء ويقول أخيراً (إلا الوطن).. ففي أحضانه حياته ومماته ومن كان غير ذلك فقبره في نحره وعلى الظالم والخائن والمجرم والفتان والمخرب والقاتل والإرهابي والفاسد والمتمرد على الثوابت الوطنية تدور الدوائر. لقد رسمت مخيلتي في سطور بعدما وصل إلى مسامعي من أخبار بان الحكومة ممكن أن تقبل العرض المقدم من المتمردين بوقف إطلاق النار .. فأردت أن اعبر عن ضمير الوطن الذي يقول لنا يا أبنائي (إلا الوطن)..!! فلا تقبلوا أو تصدقوا كلام إنسان فاجر من ناقضي العهود والمبادئ والملل أو تهادنوا مع انفصالي خائن أو مع قاعدي مجرم وإرهابي. إذاً لا تسكتوا على كل الدماء التي ذهبت من أجلكم تهدر سدى أو حماية لوطن انتم من تقولوا لأعدائه إلى هنا وكفى .. (إلا الوطن... إلا الوطن... إلا الوطن)!!